Page 229 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 229

‫‪227‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

    ‫إلى الدين من جان ٍب آخر‪.‬‬              ‫(‪)45‬‬                            ‫أو ع ْمد بين الإسلام وتاريخ‬
 ‫هذه هي الظروف والسياقات‬            ‫الصديق الأستاذ‪/‬‬                     ‫المسلمين‪ ،‬بين الخطاب القرآني‬
‫التي ينبغي على المثقف العربي‬         ‫أشرف البولاقي‬                      ‫والفقه‪ ،‬بين الله والرسول‪ ،‬بين‬

   ‫أن يقاوم آثار نشأ ِته فيها‬        ‫لنترك لذ َة الاختلاف ‪-‬التي‬            ‫النص المركزي والهامشي‪..‬‬
 ‫عند تعامله مع المرأة‪ .‬فإ ْن لم‬   ‫أش ْر َت إليها في مقالك السابق‪-‬‬         ‫ومن ثم فإ ّن أي كلا ٍم أو أي‬
 ‫يستطع فيكيفه أح ُد شرفين‪:‬‬                                              ‫جه ٍد عن تجديد الخطاب الثقافي‬
  ‫إما المحاولة‪ ..‬وإما الامتناع‬       ‫قلي ًل‪ ،‬ونقترب روي ًدا روي ًدا‬     ‫أو الديني مح ُض كذ ٍب وا ّدعاء‪،‬‬
 ‫عن مجاراة السياق‪ .‬لكنني لا‬         ‫ِمن خطر الاتفاق! سوا ٌء أكان‬       ‫نتمحا ًمنا‪،‬بوحاالبج ٍةحإ ِثلىعنن ْسخفطاال ٍبخبطاديبل‪،‬‬
 ‫أرى له أي عذ ٍر في أن يسهم‬       ‫الاتفاق اتفاقنا‪ ،‬أم اتفاق بعض‬          ‫يستل ِهم القي َم والمبادئ العامة‬
                                                                         ‫والكلية للأديان جنبًا إلى جنب‬
     ‫هو ذاته في معاناة المرأة‬                   ‫ال ُف َرقاء علينا‪.‬‬      ‫القيم والمبادئ العامة للإنسانية‬
   ‫العربية منت ِظ ًرا من البعض‬         ‫أريد أن أعود إلى بداية ما‬          ‫التي تمثلها الفنون والفلسفة‬
    ‫تبرير سلوكه بأنه مج ّرد‬             ‫كت ْب ُته في مقالاتي الأولى‬     ‫والعلوم بكل أنواعها‪ ..‬ولعل في‬
  ‫رد فعل لا إرادي للموروث‬           ‫حين آث ْر ُت التميي َز بين معنى‬     ‫عدم قدرتنا على نسف الخطاب‬
                                  ‫الإنصاف الذي أنش ُده‪ ،‬ومعنى‬
      ‫العرب ّي الذي نشأ فيه!‬       ‫المساواة الذي طال َب به بعض‬              ‫والأنساق القديمة هذه‪ ،‬ما‬
  ‫وهنا تبرز ثلاثة تساؤلات‪:‬‬           ‫المصلحين‪ ،‬وا ّدعاه كثي ٌر من‬        ‫يفسر لك فش َل كل مشروعات‬
                                        ‫الرجال والنساء على َمر‬         ‫النهضة والتحديث التي شهدتها‬
     ‫‪ -١‬هل َجنت النصوص‬               ‫التاريخ‪ ،‬وبخاصة في القرن‬
          ‫الدينية على المرأة؟‬        ‫العشرين‪ ،‬ولكن الممارسات‬                ‫مجتمعاتنا العربية‪ ،‬خاص ًة‬
                                     ‫العملية تك ّذبهم بنفس القوة‬            ‫إذا علِمنا أن كثي ًرا من هذه‬
     ‫‪ -٢‬أم أ ّنه الفهم القاصر‬                                          ‫المشروعات اعتمدت مبدأ محاولة‬
  ‫لها والمغرض هو الذي َجنى‬                     ‫التي ا ّدعوا بها‪.‬‬         ‫التوفيق‪ ،‬في الوقت الذي كانت‬
                                          ‫ربما يكون الاختلاف‬           ‫تمارس فيه التلفي َق عيني عينك!‬
                   ‫عليها؟‬         ‫البيولوچي الظاهر‪ ،‬مع اختلاف‬          ‫إ ّن قضية المرأة ليست بعيد ًة عن‬
      ‫‪ -٣‬أم إنه لا جناية من‬          ‫مظهر متطلبات المشاعر‪ ،‬لا‬          ‫قضايا غياب الحريات‪ ،‬وسيطر ِة‬
‫الأساس‪ ،‬وهذا هو مقام المرأة‬         ‫جوهره‪ُ ،‬ه َما َما م ّهدا السبيل‬      ‫الاستبداد‪ ،‬وتحالفا ِت الطغيان‬
                                       ‫للصورة التي عليها المرأة‬          ‫والديكتاتوريات‪ .‬وك ُّل محاولة‬
                 ‫الحقيق ّي؟‬       ‫اليوم‪ .‬لك ّن هذا التمهيد ما كان‬      ‫ِمن محاولاتنا لمناقشة أي قضية‬
‫سأبدأ بإجابة السؤال الأخير‪:‬‬        ‫ليس ِفر عن شيء لولا تأصيل‬              ‫بعي ًدا عن قضية الحريات لن‬
                                       ‫الأمر وتقعيده عن طريق‬              ‫تق ّدم جدي ًدا‪ .‬أريدك أن تنظر‬
   ‫على الأصوليين أن يكونوا‬             ‫العادات والتقاليد وتأويل‬         ‫لمص َر التي َبنت و َشيّدت‪ ،‬والتي‬
   ‫صرحا َء مع أنفسهم‪ ،‬وأن‬            ‫النصوص الدينية تأويلا ٍت‬              ‫تعيش الآن عصر الإنترنت‬
   ‫يعلِنوا أن أ ّي استعلاء على‬    ‫ضيق ًة أو سطحية أو مغرضة‪.‬‬             ‫والتكنولوجيا‪ ،‬وتقا ِرنها بمصر‬
‫المرأة في معاملتها ِمن جانبهم‬         ‫فصارت هيمنة الرجل على‬               ‫القديمة منذ ستين أو سبعين‬
    ‫ليس ظل ًما لها من جانب‪،‬‬           ‫المرأة بوصفها الأقل عق ًل‬              ‫عا ًما‪ ،‬وأن تنظر إلى أفكار‬
    ‫ولا نقيص ًة في المنهج من‬          ‫ودينًا وقيم ًة وقدرا ٍت أم ًرا‬       ‫الناس وعاداتهم وتقاليدهم‬
‫جان ٍب آخر؛ فهي الكائن الأقل‬       ‫واق ًعا متوا َر ًثا جي ًل بعد جيل‪،‬‬    ‫وممارساتهم‪ ،‬ثم اسأل نف َسك‬
 ‫المخلوق للتمتع به من جانب‪،‬‬           ‫ومرتب ًطا بمعاني الرجولة‬         ‫السؤال الساذج‪ :‬هل نحن نتقدم‬
‫وأداء الكثير من الخدمات التى‬      ‫والهيبة من جانب‪ ،‬والاستجابة‬
 ‫ا ُّتفق على أنه لا يليق بذكر أن‬                                                        ‫أم نتأخر؟!‬
  ‫ينهض بها‪ ،‬من جان ٍب آخر‪.‬‬
‫هنا سيكفينا الأصوليون عنا َء‬
‫الموا َربة والتناقض‪ .‬وهذا يتفق‬
‫مع فهمهم للنصوص المقدسة‪.‬‬
‫ويكفيهم أن يذكروا لنا‪ :‬قوامة‬
   224   225   226   227   228   229   230   231   232   233   234