Page 233 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 233

‫‪231‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

 ‫هل ينكر أح ٌد دو َر أ ّم موسى‬             ‫وتفاهة متطلباتها‪.‬‬        ‫الاختيار (‪ )2‬ستجد أن البطولة‬
‫أو آسيا مع موسى؟ هل ينكر‬             ‫فكل مسلسلات هذا العام‬             ‫بالقطع ح ٌّق ذكور ّي حصر ّي‬
‫أح ٌد دو َر السيدة مريم العذراء‬    ‫ق ّدمت زوجا ِت الأبطال بتلك‬
 ‫مع المسيح عليه السلام؟ هل‬           ‫الصفات‪ ،‬وأمهات بعضهم‬            ‫كالمعتاد‪ ،‬وهذا في حد ذاته ليس‬
‫ينكر أح ٌد دو َر السيدة خديجة‬         ‫أي ًضا‪ ،‬بل إن كل الأبطال‬         ‫أزمة‪ .‬لكن را ِق ْب معي تكرار‬
                                   ‫يخفون عن زوجاتهم طبيعة‬                ‫الدرما المصرية ع ْبر عقود‬
     ‫مع محمد صلى الله عليه‬           ‫أعمالهم‪ ،‬بل إن زوجة أحد‬            ‫لطريقتها في تقديم زوجات‬
‫وسلم؟ ألم َيخرج الإسلام ِمن‬         ‫الضباط الكبار في مسلسل‬
                                 ‫‪-‬القاهرة كابول‪ -‬لا تعرف ما‬          ‫الأبطال ِمن رجالات الجيش أو‬
  ‫بيتها‪ ،‬وفي ظل حمايتها؟ ألم‬                                        ‫الشرطة أو المناضلين أو القادة‪،‬‬
 ‫يستشرها زوجها فو َر تل ّقيه‬               ‫وظيفته بالأساس!‬
‫الرسالة مفزو ًعا حائ ًرا؟! أليس‬  ‫وكأن صنّاع الدراما ‪-‬المفترض‬             ‫ستجد امرأ ًة باهتة‪ ،‬خفيف َة‬
   ‫لهؤلاء السيدات الفضليات‬                                          ‫العقل‪ ،‬غي َر مد ِرك ٍة لظروف عمل‬
  ‫أثرهن العظيم الملموس فيما‬           ‫أنهم مثقفون تنويريون‪-‬‬
‫يعتنقه أكثر ِمن نصف سكان‬              ‫قد اتفقوا دون قصد مع‬              ‫زوجها‪ ،‬وكأنه مدر ٌس للغة‬
 ‫هذا الكوكب اليوم؟ أليس ِمن‬          ‫الأصوليين‪ ،‬ومع المستوى‬             ‫العربية‪ ،‬أو موظ ٌف في هيئة‬
 ‫الممكن أن ُتق ّدم أعمال درامية‬   ‫الأقل وعيًا من العوام‪ ،‬على أن‬     ‫قصور الثقافة مثلا! فتبدو دائما‬
‫تكون البطولة فيها مث ًل لزوج‬        ‫المرأة ليست إلا مجرد متا ٍع‬         ‫متضرر ًة من انشغاله‪ ،‬غي َر‬
‫طه حسين‪ ،‬أو نجيب محفوظ‪،‬‬             ‫للتسرية والتنظيف والطبخ‬         ‫داعم ٍة له؛ فكل شاغلها في الحياة‬
 ‫أو السادات‪ ،‬أو أحمد زويل؟‬           ‫والثرثرة‪ ،‬وأنها كائن ل ِزج‬     ‫أن تذهب معه إلى النادي‪ ،‬أو أنها‬
                                    ‫ينبغي أ ْخذه على قدر عقلِه!‬        ‫«مقموصة» لأنه تأخر خارج‬
    ‫أنظ ُر كيف قدمت الدراما‬            ‫اللافت للنظر‪ ،‬أن زوجة‬          ‫المنزل! وهو ‪-‬البطل‪ -‬عليه أن‬
     ‫التركية تاريخ الجواري‬       ‫المتطرف أو المنحرف عمو ًما ما‬      ‫يحتمل ضغوط عمله وأخطارها‪،‬‬
‫وليس الحرائر وأندهش؛ فهل‬          ‫تكون شخصي ًة إيجابيّ ًة داعم ًة‬    ‫جنبًا إلى جنب سطحية زوجته‬
 ‫أوروبية تركيا هي ما أنقذت‬       ‫له بشكل كبير‪ ،‬وشريك ًة له في‬

         ‫عق َلها من الرجعية؟‬               ‫التصدي للأخطار‪.‬‬
   ‫بالمناسبة‪ ،‬لو حال زوجات‬       ‫الأخطر مما َسبق وهو أن الفن‬
                                 ‫المنوط به جنب المتعة أن ينهض‬
     ‫الأبطال أو بعضهن كما‬        ‫برسال ٍة تنويرية حقيقية عظيمة‬
‫صورتهن الدراما فإن الكارثة‬
 ‫ستزيد‪ .‬لكن الخطر الحقيقي‬            ‫التأثير‪ ،‬يك ّرس إلى مفهوم‬
‫أن المرأة‪ ،‬قبل الرجل‪ ،‬اعتادت‬     ‫الجارية أو ال َمحظية أو الدادة أو‬
                                 ‫الزوجة الأم المضحية بنفسها‪،‬‬
    ‫أن ترى نفسها هكذا على‬
 ‫الشاشة وفي الحياة‪ ،‬اعتادت‬         ‫لكنه لا يكترث إلى دور المرأة‬
                                      ‫الشريك‪ ،‬المرأة الصديق‪،‬‬
    ‫أن تجهز العشاء‪ ،‬وتجهز‬
   ‫شنطة السفر للزوج المهم‪،‬‬         ‫المرأة الند‪ .‬وأجدني أعود إلى‬
    ‫وتجلس تتزين أمام مرآة‬         ‫الدين المؤثر الأعمق في العقلية‬
   ‫حجرة النوم‪ ،‬ثم تذهب إلى‬
     ‫حجرة مكتبه في دلال ما‬          ‫العربية وأتساءل بعي ًدا عن‬
 ‫قبل التزاوج‪ ،‬وتنصحه بعدم‬          ‫انتماءات العقيدة‪ :‬كيف غاب‬
 ‫شرب فنجان القهوة التاسع‪،‬‬          ‫عن وعي العقل العربي الأثر‬
   ‫وتنزع السيجارة من ف ِمه‪،‬‬         ‫العظيم للمرأة في الرسالات‬
                                    ‫السماوية الثلاث الأشهر؟!‬
     ‫وتقوده إلى غرفة النوم‪،‬‬
   228   229   230   231   232   233   234   235   236   237   238