Page 255 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 255
253 ثقافات وفنون
دراما
عندما قبضوا على «حازم» و»هنا» شبه مجتمع ،أو بالأحرى «كأنه تقوم بمحاولات للتعرف على هذا
و»بدر» و»شامبا» .ولكنه ظهور مجتمع» .وفي الحقيقة ،هؤلاء العالم والتعامل معه بقدر ظروف
الناس لا يريدون مساعدة كل منهما ،ووفق إمكانياتها .ومع
استعراضي ،ربما من أجل الرقابة أنفسهم ،بل يواصلون نفس
وضرورة تقديم الدولة في شكلها ذلك لا توجد ضمانات إطلا ًقا
القناعات والأخطاء ويعانون من للحصول على إنسان مثالي مائة
الجميل ورونقها الجذاب ،أكثر نفس الأمراض ،ويسعون لنقلها
منه ظهور وظيفي وحقيقي يعكس إلى بعضهم البعض ،وللآخرين بالمائة .وهذا ما قالته «منة»
لزياد قبل أن تسافر إلى اليابان.
عمق شبكات الفساد في مجتمع الأصغر منهم ،عبر مباريات ولعل هروب «منة» بهذا الشكل
المسلسل. كلامية فارغة ولكنها مؤثرة مثل من الأسرة ،ومن المجتمع ،ومن
ربما يدرك القارئ ماذا يعني هنا أولئك الدجالين الذين يؤثرون «البلد» كله ،يحمل العديد من
غياب الدولة .فالنقطة المهمة ،لكي بالإيحاء على ضحاياهم. الدلالات الخطيرة والمهمة.
لا نظلم «المخرج -الكاتب» ،أن وقبل الاسترسال ،فـ»غياب إن شخصيات «يارا» و»زياد»
موضوع غياب الدولة وحضور الدولة» يعني أن الدولة غائبة و»سارة» ومنة» ،بل وحتى
الدولة وصورة مصر وصورة تما ًما عن الحياة .لا نراها إلا
الشرطة والأمن يعتبر خ ًّطا أحمر «شامبا» بدرجة أو بأخرى ،هي
في عسكري المرور المرتبك شخصيات مهمة لديها تجاربها
في الفن المصري عمو ًما ولدى و»المتدهول» دائ ًما ،أو في المطار، وخبراتها المتواضعة ،وفي الوقت
الرقابة بشكل خاص ،وعند أو حينما تم القبض على «حازم» نفسه تنظر بشكل مغاير للعالم
ضابط الأمن الوطني المسؤول عن بسبب شيك بدون رصيد. وللعلاقات .هذه شخصيات
صورة مصر وشرطتها وجيشها، أو في الضابط «ال ُهمام» الذي رسمت جي ًدا من حيث البناء
يعطي انطبا ًعا بأنه يعمل في أحد الدرامي ،ومن حيث وجودها
وصورة الفن القويم وصحيح معامل الكيمياء بإحدى المدارس في الواقع ،ومن حيث الأمل في
الفن (الدين القويم ،وصحيح الإعدادية .ضابط غريب ومثير وجودها في الواقع بعدد أكبر .إنها
الدين) .ولذلك لا يمكن أن يكون للضحك والتأمل ،يمارس عمله شخصيات تمنحنا مقدمات مهمة
هناك أي مأخذ ضد المخرج الكاتب بتقعر غريب وكوميدي .تظهر لكي نبني عليها آمالنا ورؤانا
لأنه مثل غيره يتعرض لمشاكل «الدولة» أي ًضا في الحلقات الأخيرة وأحلامنا .وفي الحقيقة ،فهي
وضغوط وكوارث لا تهدد العمل تمنحنا على الأقل مقدمات مختلفة
فقط ،بل تهدده هو شخصيًّا. عن المقدمات التي تمنحها لنا
الشخصيات سيئة التربية وسيئة
التقدير الأخرى من الأجيال
الكبيرة في المسلسل .ما يعني أننا
في انتظار نتائج مختلفة منهم.
وليس بالضرورة طب ًعا أن تكون
هذه النتائج جيدة أو سيئة.
بقية أفراد المسلسل مرضى
بأشكال مختلفة .وهم نتاج
هذا المجتمع المريض الموبوء
سيئ السمعة والأخلاق الذي
ي َّدعي الفضيلة ،وي َّدعي المعرفة،
وي َّدعي كل شيء .إنه ببساطة