Page 53 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 53

‫للسرد في مجموعة " ُعو ْد ال َح ْمل ْة" مسارا ٌت‬          ‫“جرحة حب” “قادر ٌة على نسيان مآسيها‬
 ‫متعدد ٌة‪ ،‬ولموضوع انكساِر الذا ِت حضوٌر‬
   ‫يتناغم وطبيع َة الحكي داخل نصوص‬                           ‫ومعذبيها”‪ ،‬وتعلم أي ًضا “أن جرا َحها‬
                                                         ‫طري ٌة”‪ ،‬وإن لم ُتخبرها شيئًا من ذلك‪ ،‬كما‬
‫المجموعة‪ .‬تقنيتان هما (السرد والذات)‪،‬‬
                                                            ‫تلم ُس “معانا ِتها وشرو َدها وعصبي َتها‬
  ‫ُتجسدان عنوا َن تجرب ِة عائشة بورجيلة‬                    ‫وانسدا َد شهيتها عن الأكل‪ ،‬وعن الكلام‬
                                                                                        ‫أي ًضا”(‪.)29‬‬
 ‫القصصية في " ُعو ْد ال َح ْمل ْة"؛ لأن الكتابة‬          ‫من خلال هذا المقطع يظهر كيف أن السارد َة‬

    ‫عندها نوٌر ترى به نف َسها وسفٌر نحو‬                      ‫قادر ٌة على “أن تفس َر جمي َع الوقائع‬
                                                         ‫الاجتماعية والنفسية والتاريخية‪ ..‬بمعنى‬
      ‫الأعماق لاكتشا ِف ومناوش ِة الجمي ِل‬
       ‫والأجم ِل بداخلنا وإعلانه للذات أوًل‬              ‫أنها تتدخل ل ُترينا كل شيء من وجهة‬
                                                         ‫نظرها‪ ،‬فهي ُتعاد ُل الكات َب وتعاد ُل الخال َق‬
                               ‫وللعالم ثان ًيا‬                     ‫العال َم بالظواهر والخفايا”(‪.)30‬‬

  ‫كثي ًرا في قصة السبعينيات‪ .‬أتذكر هنا قصة “البناية‬      ‫المسار الرابع‪ :‬تقنية التقطيع السردي‪:‬‬
                    ‫الجديدة” لمحمد ابراهيم بوعلو‪.‬‬        ‫في قص ِة “(سوبر) جارات” أربع ُة محددات‬

‫إضاف ًة إلى تقني ِة المفاجأ ِة في قصة “كاريكاتور”‪ ،‬هناك‬  ‫نصية في شكل عناوين داخلية (زمالة‪-‬‬
    ‫تنوي ُع الضمير‪ ،‬من الدال عن الغائب إلى الدال عن‬
   ‫المتكلم‪ ،‬وبهما أمكن الحدي ُث عن التقطي ِع السردي‪.‬‬     ‫شظف العيش وأشياء أخرى‪ -‬نقطة نظام‪-‬‬
                           ‫بداية المقطع الأول‪)1( :‬‬
                                                                 ‫مسك الختام)‪ ،‬تعك ُس تقطي ًعا سرد ًّيا‪ ،‬على‬
  ‫“كانوا ثلاثة رجال‪ :‬شيخ وشابان‪ ..‬يحملون جمي ًعا‬         ‫شاكلة الفعل الروائي‪ ،‬في كثير من النصوص؛ ولأن‬
    ‫صواريخ أشكالها عجيبة‪ ،‬متطورة‪ ..‬لا أحد يشبه‬
    ‫أح ًدا‪ ..‬لا صاروخ يشبه آخر‪ =( ”..‬ضمير الجمع‬          ‫هذه التقنية تشكل َمخر ًجا لدى الروائي‪ ،‬خو ًفا من‬
                                        ‫الغائب)‪.‬‬         ‫انفلات خيط الحكي‪ ،‬ذي المسار الممتد على مساحة‬
                              ‫نهاية المقطع الأول‪:‬‬        ‫سردي ٍة شاسع ٍة‪ ،‬فإنه في الفعل القصصي ُينبئ بمسا ٍر‬
             ‫“يبقى الجندي معل ًقا بين البحر والبر‪..‬‬      ‫مختلِ ٍف في التشكل النصي‪ ،‬يلتجئ إليه بع ُض الكتاب‪،‬‬
                                                                                          ‫تكسي ًرا للسرد‪.‬‬
 ‫الهواء المتدافع الغاضب يحاصره من الجهات الأربع‪،‬‬         ‫لا يعدو هكذا خروج عن القاعدة تصري ًحا بأن القصة‬
    ‫فينكمش حول نفسه‪ ،‬كفأر أصيب بالرعب‪=( ”..‬‬
                            ‫ضمير الغائب المفرد)‪.‬‬             ‫الواحدة ذات مواضيع مختلفة‪ ،‬فذلك ز ٌّي يرتديه‬
                               ‫المقطع الثاني‪)2( :‬‬            ‫عنوا ُن المجموع ِة القصصي ِة‪ ،‬أما وأ ّن الفعل داخل‬
                                                         ‫النص الواحد‪ ،‬فالأم ُر لا يخرج عن أنه مجرد تقنية‬
  ‫“نظر ُت إليه‪ ..‬في عينيه ما زال هناك المزيد‪ :‬حكايات‬     ‫سردية تعتمد التقطيع‪ ،‬دلي ُل ذلك أن القص َة اتخذ ْت‬
               ‫عن السحاب‪ ،‬التراب‪ ،‬الزهر الرمال‪..‬‬                               ‫من “الجارة” موضو ًعا لها‪.‬‬
                                                              ‫قصة “كاريكاتور” لا ترسم نف َس صور ِة قصة‬
     ‫لا تزال اللوحة ناقصة‪ ،‬شيء أكيد‪ ،‬ولكن حصة‬            ‫“(سوبر) جارات”‪ ،‬من حيث التشك ُل النص ُّي‪ ،‬المعت ِمد‬
 ‫الرسم انتهت‪ .‬وحلم الطفل ذي الربيع الثامن يواصل‬          ‫على التقطيع السردي‪ ،‬ففي الوقت الذي لا يستقيم فيه‬
 ‫الصعود في منأى عن الزمان‪ ،‬في منأى عن المكان”(‪)31‬‬
                                                            ‫السر ُد في قصة العناوين الداخلية‪ ،‬إذا ما حذفناها‪،‬‬
                                                         ‫يبدو الأمر ممكنًا مع قصة “كاريكاتور”‪ ،‬المعت ِمدة على‬
                                                         ‫ُيسيء لخطية السرد؛ إنما‬        ‫رق َم ْي ‪ 1‬و‪ ،2‬فغيا ُبهما لا‬
                                                         ‫الانتباه إلى تش ُّك ٍل آخر من‬  ‫تبغي بهما السارد ُة لف َت‬
                                                         ‫نوع التقطيع السردي‪ ،‬المُ ْن َبنِي على المفاجأة‪.‬‬
                                                         ‫تقني ُة المفاجأ ِة ليست جديد ًة زما ًنا‪ ،‬بالقدر الذي يمتلكه‬
                                                         ‫“التقطيع السردي” في فعل الحكي؛ لأنها اع ُت ِمد ْت‬
   48   49   50   51   52   53   54   55   56   57   58