Page 51 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 51
49 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
من العنوان (انكسارات الذات) ،علما أن ُقط َب ْي رجع ْت ورا ًء أكثر من عشرين سنة”()9؛ لأنها طالما
الدراسة ليسا خط ْين مستقيمين متوازيين لا يلتقيان، حلُمت بذلك كما “حلُمت بقبل ٍة أبوية” و”بأن تنا َم
فالاشتغا ُل بنو ٍع من التمازج هو ديد ُن الفعل السردي
فوق خصر والدتها أو والدها”(.)10
لدى الكاتبة عائشة بورجيلة ،ذلك ما خول لديها إذا كان التقاب ُل يتم عبر “إحداث تواجه بين
تأشير َة العبور إلى قارة القص التجريبي؛ الذي
استوى واشتد عو ُد ُه مطلع التسعينيات .معنا ُه ،لا بنيت ْين”( ،)11فإن قول الكاتبة “أحترم الجارات”
يتحقق أ ُّي مسا ٍر من المسارات التقنية في هذه الدراسة يقابل “لا أحترم الجارات” ،بنا ًء على السياق التالي:
دون وعاء السرد ،وكأني بالمسألة أقرب في جدليتها “الشقيقتان العاملتان تقضيان السويعات الليلية
بقضية (اللفظ والمعنى) بلاغيًّا. الباقية في تحضير وصفات التجميل وغسل الملابس
هذا المسار أي ًضا له علاق ٌة وطيد ٌة بتقني ِة المفارقة ،له
الداخلية التي كانتا تعجزان عن إيصالها إلى السطح
علاق ُة تواص ٍل بمرارة الواقع!! و ِك َب ِر الحلم!
ما أم ُّر الواقع! ما أضيق العيش! تفاهة الحياة! كلها وتكتفيان بنشرها على خيط تلفازي”(.)12
مسارا ٌت تعبيرية تجسد تقنية تشظي الذات الكاتبة، وتضيف أخي ًرا ،بعد ِنق ٍط للحذف تخفي ما هو أجرأ
التي نتلمس خيو َطها في ُصو ٍر تراجيدي ٍة داخل فضاء مما ُذ ِكر“ :فأنا (أحترم) الجارات” ،وفع ُل (أحترم)
وهو بين معقوفت ْين َيستبط ُن ويؤكد التقاب َل الذي
الحكي. ذهبنا إليه ،نف ُس التأويل تعكسه عبارة :هل كانت حقا
-1التحقير :لمّا يضق المكان بساكنه ،ويجد التعام َل
(محضية) ؟!”(.)13
ال َمشين ذا َته ،والنّب َز عي َنه أينما ح ّل وارتحل ،يفقد في السياق ذا ِته ،وبعد أن عاينّا جمالي َة المزج بين
ِح ّسه الإنساني ،بل ويذه ُب به الأم ُر ح ّد الاعتقاد
بالشبه الحيواني ،هذا في ميزان مقارنته مع الكائن ظاهرت ْين أسلوبيت ْين في مستوى خط -سردي واحد
الناطق ،وإلا فالحيوان أحيا ًنا يلقى تعام ًل أليق به مما (المفارقة -السخرية والمفارقة التقابل) ،نجد الكاتبة
يصاد ُف ُه بنو آدم .تقول الكاتبة في قصة “بألف خير..
وخير!”“ :ربما كن ُت غرا ًبا بالنسبة لهم هنا وهناك تؤكد توجهها ذلك ،إعلا ًنا منها بأن السر َد القصصي
أشب ُه بفع ِل الخياط ِة ،حين تعتمد ظاهرة الاستباق
أي ًضا”. لتكش َف عن المفارقة التي تنطوي عليها علاق ُة الأقارب
-2الانكسار :تبدو هذه الصورة المأساوية ذات داخل أسر ٍة واحد ٍة؛ من المفروض أن يسو َد فيها الح ُّب
تسا ُوق مباشر مع عنوان الدراسة ،كما لها صبغة والإخا ُء والاحترا ُم ،لا أن ُيدا َس كل ذلك ،فقط لأن
الإحاطة بعنوان المجموعة “ ُعو ْد ال َح ْمل ْة” ،كما ت ّم الخلفي َة الثقافي َة لا تزال َتعتب ُر تواجد المرأة “في حد
تأويلُه في تقديم هذه الورقة ،ذلك أن تشظي الذات
الساردة أو الألم بأبعاده الزمانية ذاته خطأً”( ،)14وأن النساء “موؤودات بالفطرة”(،)15
والمكانية والنفسية ،يشك ُل داف ًعا
أسا ًسا لتهيئة ظروف رسم عليهن خدمة الرجل ،زو ًجا كان أو أخا ،ابنًا كان أ ًبا.
الحكاية ثم كتابة وإخراج النص- فالبطلة في قصة “قبل أن يكبر” تعتبر ما يجمعها
(الهدية) “التي بين يديك الآن إلى
حيز الوجود”( ،)18تقصد الكاتبة مع صغير الأسرة من ح ٍّب معل ًقا؛ لأنه
بالهدية :الكتاب /المجموعة/ لم يتش ّرب بع ُد (التخليطة) الثقافية
والدينية .تحكي الساردة اعتما ًدا على
القصة. يشو ُب تحقبّنيه َتم ْاي اغلميفُرارخقةو ِفوهاالامسنتأبانق:يك“بلَرا
إن سؤال الانكسار ،مرفو ًقا ليتعلم
بمرارة واقع َه ّش ظ َّل يراودا
الكاتبة طيلة مسار الحكي داخل بدوره كيف يدوس على جرحها ،قبل
فضاءات نصوص المجموعة،
أن يطلب منها مغادرة الأرجاء
والسطح والحوش”(“ ،)16أما
الأكبر ،فلم تكن تجرؤ على مقارنة
نفسها به”(.)17
المسار الثاني :تشظي الذات:
يرتبط هذا المسار بالشق الثاني
عائشة بورجيلة