Page 77 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 77
75 إبداع ومبدعون
قصــة
قالت وهي ُتخرج من عبّها بطاقتها الشخصية: عمره له :مشروعه الذي عزم أخي ًرا على أن يكون
-كنت غنوة .صححت اسمي رسميًّا .انظر :زلفى رواية ،ما دامت الساعة دقت وانشق القمر؟
عبد الفتاح. -2
تناول البطاقة هام ًسا:
-زلفى عبد الفتاح غير زلفى بنت المختار. المظاهرة تظل إذن ممكنة ،حتى لو لم تعرف أنت
قالت وهي تستعيد البطاقة: التظاهر منذ كن َت طالبًا في الثانوية الصناعية أيام
-بل هي نفسها ،ولو اختلف الاسم أو الكنية من الانفصال الذي أودى بالوحدة السورية المصرية.
غيرك تظاهر في تلك السنوات التي صارت مجزرة
جيل إلى جيل. حماة عنوا ًنا لها .ولكن إذا كنت قد نسي َت التظاهر
وراحت تدقق النظر في عينيه وجبينه وشفتيه
فمن أين لهم به ،أولاء الشبان الذين شبّوا على
وذقنه ،ونزلت إلى عنقه قائلة: مسيرات المبايعة والتأبيد؟
-كأنك تهرم بسرعة .لماذا تقف هنا؟ تعال قف
مظاهرات طيارة ،حواجز أمنية طيارة ،رصاص
معنا. حي ،لافتات بدائية ،اعتقالات ومداهمات ونعوات.
وتأبطت ذراعه ،ودفعته ،فانقاد وهو يحاول أن
يستعيد صورة لزلفى فيملأ البيا ُض ذاكرته ،وكأنما سيقول كارم متخو ًفا ثم معتر ًضا ثم متشائ ًما:
ملأ عينيه أي ًضا ،إذ ما عاد يبصر أح ًدا .ولعله ما السلمية تبهت والعسكرة تدق الأبواب .سيردد غالي
كان ليستعيد البصر لولا أن صوت غنوة انفجر
ساخ ًرا :سلّم لي على غاندي يا أبو غاندي.
هل ًعا وقد أفلتت ذراعه: ابتدأ خلاف الصديقين بهدير غالي بالثورة ،مقابل
-اركض يا كارم اركض.
وتلكأ وهو يبحث عن غالي ،وجرى ،ل ّكن لبط ًة على لجلجة كارم وحيرته بين الحراك والانتفاضة
قفاه عاجلته ورمته ،ورفس ًة عجنت أضلاعه .ولما والثورة إلى أن هدر :هذا زلزال ،فع ّفط له غالي:
استطاع أن يرفع رأسه رأى ي ًدا تجر غنوة من الزلزال للطبيعة والثورة للمجتمع ،زلزالك هروب
شعرها وهي تنتفض وتصرخ.
وفذلكة وخوف ولا يقدم ،بل يؤخر ،لا ينفع،
-3 بل يضر .وخرجا في ذلك العصر من بيت غالي
متخاصمين ،فلم يتبادلا كلمة حتى وصلا إلى ساحة
جاء الاعتداء على البيت مثل صعقة كهربائية ر ّج ْت الشهداء التي كانت تضيق بالشباب والشابات،
كيان كارم ر ًّجا .ثم جددت الصع َق مظاهرا ُت تونس
فصاح غالي:
والقاهرة وبنغازي وصنعاء ودمشق وصو ًل إلى أخرتنا ثرثرتك .تفضل يا أبو الزلزال.
نيبالين. انحشر غالي في الحلقة الأخيرة ،بينما تراجع كارم
أمتا ًرا وصعد إلى المصطبة العالية التي توزع فيها
ضاعفت الصعقة الأولى من عزمه على الكتابة،
ودفعته إلى نقض عزلته ولو قلي ًل .صار يسير في المتفرجون.
لمر ٍة يتيمة كان كارم قد شاهد خم ًسا أو ستًا
الشوارع والأزقة ،يتحرى الحارات المتراكبة في من الشابات في مظاهرة في نيبالين .أما هنا فه ّن
السفح ويكتشف أنها اخترقت غابة الوادي وأشرفت كثيرات .وها هي واحدة منهن تصافح غالي بحرارة.
غالي يتلفت ثم يشير إلى كارم .الشابة تندفع إلى
على النهر. كارم وتقف أمامه باسمة ،وتمد يدها معلن ًة باعتزاز:
على ضفة النهر مشى مناد ًيا سنوات فتوته ،ثم انتقل
-أنا زلفى.
إلى الحارات الراقية التي تسلّقت على الجبل وع ّرته ترددت يده بمصافحتها ،ثم استسلمت لها وهو
حتى القمة ،كما تنافست فيها المساجد والكنائس
الفاخرة .لكنه لم يقترب من الساجور إلا بعد أن يتمتم:
صادف سميح حفيد المختار أمام الركن الفرنسي، -غنوة؟