Page 90 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 90
العـدد 31 88
يوليو ٢٠٢1
سمير الفيل
قهوة على الريحة
مكانه. كانت المرة الأولى التي يشرب فيها قهوة ،لذلك ظل
تمعن الشرطي السري في وجه الشاب :حضرتك يفكر في طلب يكون قريبًا من مزاجه.
-قهوة على «الريحة».
غريب؟
كان متعبًا من سفر بعيد ،فلم يفتح فمه كي يرد. سمعه النادل ،وجاء بفوطة نظيفة فمسح الماء
خمن إنها بداية حديث قد يطول ،ورأسه موجوع المنسكب من طلبات سابقة لزبائن أخلوا أماكنهم،
من خبطات فلنكات القطار. ذاهبين إلى أعمالهم ،يسبقهم تثاؤبهم .مد يده
-أنت .ألا تسمعني؟ وتحسس الجسم الصلب الذي وضعه بين طيات
-أنا؟
ثيابه خو ًفا من لصوص القطارات.
-لا ،خيالك .اسمك أيه؟ جاء الصبي ماسح الأحذية ،ظل يضرب بغطائي
-قدري التابعي صافو. حق الورنيش ،ولما لم يطلب أحد مسح حذائه .ركن
خده على يده ،وراح يرقب القطط الشقية التي كانت
-عملك؟
-عامل بناء. تبحث عن طعام.
حدق ثانية في الشامة التي يخفي القميص بقيتها: دخل الشرطي السري بملابسه المدنية ،وجلس في
من أي بلد؟ مواجهته تما ًما ،صفق وطلب شاي سكر خفيف.
لحظات وعاد النادل بالطلبين .طلبه وطلب الشرطي
-أسيوط؟ السري ذي الشارب الكث ،وتوفي ًرا للنفقات أحضر
-متأكد؟
-نعم .ولماذا أكذب؟ كوب ماء واحد.
-أنت تشبه الصورة؟! مد الشرطي السري يده مستأذنا :حضرتك تحب
-وما الضرر؟
-أرني بطاقتك .أريد التأكد من هويتك. تشرب؟
لم يكن به طاقة للشجار لكنه في تلك الدقائق غالب الشاب ارتباكه :أب ًدا .شك ًرا.
بالتحديد كان بحاجة ليصفو ذهنه من كل ما شعر بمرارة القهوة ،لكنه أرجع ذلك لكونه لم
يكدره. يتعود عليها بعد.
-حضرتك من؟ أخرج العسكري السري عدة صور فوتوغرافية من
-حكومة.. جيبه .راح يحدق في الملامح ،ثم وضع الصور في
-حتى لو كان الأمر كذلك .لا حق لك في ايقاف جيب سترته العلوي ،وأبقى صورة واحدة.
رن الموبايل في جيب الشاب فتحدث بصوت
مواطن شريف بلا سبب.
منخفض لا يكاد يسمع ،وأسرع بوضع الموبايل