Page 95 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 95

‫‪93‬‬

‫الشبق‪ ،‬القضيب النائم‪ ،‬المتعة الفاترة‪ ،‬كل هذا ُيبعث‬       ‫أحطم جميع الترتيبات والأذواق الفظيعة‪ ،‬لؤم‬
    ‫بعقلها‪ ،‬وهي تتحدث بعينين ثابتتين كما لو أنها‬      ‫الأزواج‪ ،‬وقاحة الصبية‪ ،‬مراهقة المسؤولين الذين‬
               ‫(فريدا كهلو) في إحدى بوتريهاتها‪.‬‬      ‫لا ينفكون عن تدوير الحقائق وتشوية وجه العالم‪،‬‬

‫أكدت لي‪ ،‬وبشكل قاطع‪ ،‬أن سبب احتقارها لزوجها‬             ‫ثمة أشياء خارقة من حولنا‪ ،‬لا يمكن تفسيرها‪،‬‬
       ‫ابن العاهرة لم يكن جدي ًدا‪ ،‬وإنما منذ عشرة‬   ‫ثمة أشياء قاتمة‪ ،‬كالليل البهيم‪ ،‬نلمسها حين تسوء‬
                                                    ‫الأمور‪ ،‬لدرجة تجعلنا نشعر بأن الحياة قبيحة ج ًّدا‪،‬‬
 ‫سنوات‪ ،‬في أحد ليالي فصل الصيف‪ ،‬كانت ترتدي‬          ‫قبيحة مثل مؤخرة زوجي التي تشبه مؤخرة البغل‪.‬‬
     ‫ثو ًبا من الحرير‪ ،‬عاري الكتفين‪ ،‬وكان زوجها‬
                                                       ‫لقد كان كلامها عن زوجها رغم كبريائها يختزل‬
 ‫بالمكتب يعمل مع رئيسه بالعمل‪ ،‬فجأة دخل عليها‬         ‫بصورة ما‪ ،‬كل تناقضات العالم‪ ،‬العجب والرعب‪،‬‬
 ‫وطلب منها أن تجلس مع ضيفه على انفراد‪ ،‬ودون‬          ‫الرغبة العنيفة في انتهاك اللذة‪ ،‬الإحساس‪ ،‬الفحش‪،‬‬

   ‫سابق معرفة‪ ،‬ومن يومها‪ ،‬بدا لها أن شعو ًرا من‬
    ‫الخيبة والقلق والنفور يغمرها‪ ،‬وأصبحت تنظر‬
   ‫إليه باشمئزاز واحتقار لا حد له‪ ،‬ولا أنكر‪ ،‬بدأت‬
‫أفهم‪ ،‬لدهشتي‪ ،‬وأنا أصغي لكلماتها دون أن أتكلم‪،‬‬
‫الصرخة اليائسة‪ ،‬ألوان الطابع الجنائزي في لوحات‬
‫ماتيس‪ ،‬العشق والانتقام في أناشيد لوتريامون‪ ،‬لقد‬
‫كان كلامها يكشف كينونة التأمل وهشاشة المعنى‪:‬‬
   ‫أن نكون أو لا نكون‪ ،‬أليس العالم يتألف من تلك‬
 ‫الفوضى الخلاقة‪ ،‬والعدمية والشعور بالتجذر بدل‬

             ‫الاقتلاع بحسب تعبير سيمون فايل‪.‬‬
  ‫حينما غادرت‪ ،‬رح ُت أفكر عبر الأزقة‪ ،‬وأنا أروح‬

       ‫وأجيء تحت رذاذ المطر‪ ،‬وأتساءل بشهية لا‬
   ‫تعرف الاكتفاء‪ ،‬هل من الممكن أن يطيب خاطرها‬
    ‫حالما تعود إلى بلادها‪ ،‬ومن يدري؟ ربما سوف‬
 ‫تستسلم للتغيرات المحتملة والفظاظة الرتيبة‪ ،‬ومن‬
‫جانبي‪ ،‬لم يبق لي سوى السؤال عنها‪ ،‬رغم قناعتي‬
 ‫التامة‪ ،‬بأنه‪ :‬يجب على المرء ألا يستدرك ما كان قد‬
    ‫أفلت منه‪ .‬فالرغبة الجنسية‪ ،‬التعدد‪ ،‬حب الذات‪،‬‬
‫الاخفاقات‪ ،‬قيمة الكائن‪ ،‬كل هذه الأشياء بما في ذلك‬
  ‫قضايا الحب ليست ملكنا‪ ،‬وإنما للآخر‪ ،‬ومن أجل‬

                                         ‫الآخر‪.‬‬
   90   91   92   93   94   95   96   97   98   99   100