Page 99 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 99
97 إبداع ومبدعون
قصــة
كما أن ابنتهما كانت تعزف على الكمان وهي
بحضن والدها ،والجميع يستمع لها حتى نحن،
أقصد أنا ووالدي الذي بات ُيخرج الأشياء التى
مضى على عطلها سنوات ،يخرجها للبلكون ويضع
نظارته ويحاول إصلاح الأشياء صامتًا على غير
عادة.
ما كان باد ًيا أن والدي اهتم مثلي لأمر الجيران
الجدد ،زوجة الجار ذات الشعر الطويل فتلفه مرا ًرا
ثم تحبسه بملقط شعر وردته كبيرة لتبدو كراقصة
إسبانية .كانت الجارة ترتدي ما خف حمله في
البيت ،كفستان قصير للركبة أو بيجاما رقيقة
وشفافة ،هذا ما جعل والدي يقول إنها امرأة تافهة
وزوجها أتفه منها ،كيف يسمح لها بارتداء هكذا
لباس؟
وأعتقد أنه قال ما قال لإبعاد شبهة تعتمر بداخله.
رجل غريب سمع ُت عن أمثاله لكني لم أرهم رؤي
العين ،رجل خرج من بيت شعر أو أسطورة في
الحب ..رجل يرشح حبًّا.
أطفأت ضوء المطبخ ووقفت أسترق النظر للجارة
التي تجلس على كرسي بغرفة نومهما ،وهو يقف
وراءها يجدل شعرها ،ثم يفرده على كتفها ويرفع
بعض خصلاته ويمرمغ وجهه بها ..كان طف ًل يلعب
بامرأته وشعرها.
مر وقت وصار بيت الجار خبر عاجل نتابعه لحظة
بلحظة أنا ووالدي ،وأمي تتابعنا.
مكان الرصد بالنسبة لي شباك المطبخ والبلكون
إذ يطلان على المواقع الأهم في بيتهم ..مطبخهم
وبلكونة الصالون وشباكه ،والأهم شباك غرفة
النوم.
النوم الذي كان ملجئي الأكثر راحة لم يعد كذلك،
ولم تعد لحظة الاستيقاظ تعني لي بدء الملل ،بل
أصبحت لحظة مليئة بالنشاط والترقب ،وصار
الصبح حاجة ملحة.
أنهض من سريري وأح ُّث الخطا إلى نافذة المطبخ
حيث أراه يقف عند النافذة بالبروتيل وبيده ملعقة،
ينتظر أن يغلي الماء كي يصنع القهوة وهو يغني،
عرفت ذلك من نتف فيروزية قادمة من عندهم ومن
حركة رأسه ..تمر زوجته تقبل ظهره وتترك يدها
تمسح كتفه فيلتقطها ويقبلها.