Page 289 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 289
287 ثقافات وفنون
رأى
صافية كتو بومدين بلكبير السوداء وما خلفته من أضرار
على جميع المستويات؟ وهل يمكن
ملامحهم عربية ،ويتكلمون للجزائريين على مراحل متعاقبة، أن يؤثر هذا اللون من الكتابة على
العربية ،لو كانوا فرنسيين لأتوا بد ًءا بالثورة التحريرية وصو ًل
نها ًرا( ،)1ومنذ ذلك الحين كفرت مسار الأدب الجزائري بوقوعه
إلى العشرية الدموية .ومن في التقليد والتكرار؟ وكيف يمكن
العائلة بكل شيء يرمز للثورة الروائيين الجزائريين الذين
والكفاح. استلهموا من تلك الأحداث الدامية أن نسمي هذا الأدب ،هل هذا
موضو ًعا لأعمالهم الإبداعية أدب مأساوي أم أدب تجريبي؟
مآسي الثورة التي عاشها الشعب المعاصرة ،الروائي بومدين أصبحت الرواية ،الجنس الأدبي
الجزائري لم تنته بانتهاء الثورة بلكبير ،في روايتيه «خرافة
والحصول على الاستقلال، الرجل القوي» و»زوج بغال»، الأكثر مقروئية في العصر
فالجراح النفسية لم تندمل بعد، إذ يستحضر الثورة الجزائرية الحديث ،كما يعرف الروائيون
ويدخل المثقف الجزائري بالذات موضو ًعا يشكل جس ًرا مأساو ًّيا
في حالة يأس وإحباط شديدين، ممه ًدا للوصول إلى مرحلة فضا ًء واس ًعا للتعبير عن
وتعرف البلاد موجة عاتية من التجارب الإنسانية ،من خلال
الانتخابات م ّست عدي ًدا من التسعينيات. مزاوجتها بين ما هو واقعي
الأقلام الأدبية ،سببها مصادرة وكأنموذج لذلك ،يروي أحد
الآراء وغياب حرية التعبير، شخصياته الروائية الواقعة وما هو متخيل ،إذ تمردت
والروائي بلكبير يؤكد أنه التي حدثت لعائلته في الثورة على التقنيات الموروثة بابتكار
«مستحيل أن أنسى صالح زايد، التحريرية وهو صغير ،حيث شكل روائي جديد ،بالاعتماد
حاصروه في كل الجهات ،لأنه اقتحمت جماعة مسلحة مجهولة
كان يتكلم بجرأة وبدون رهبة.. دارهم لي ًل ،وقاموا بعزل الرجال على تقنيات السرد الحديثة،
كنا معجبين به أيما إعجاب لأنه في غرفة ،واعتدوا على جدته، التي رافقت الرواية التجريبية
كان يعبر بصوت مسموع عن وكانت الكارثة بالنسبة له «أن التي تتسع للمتخيل ،وتلامس
الواقع الاجتماعي والسياسي
والاقتصادي.
إن الروائي الجزائري الذي
عايش العشرية السوداء بالأمس،
وقام بنقل أحداثها للرأي العام
في حينها عبر أعماله الروائية،
هو نفسه روائي اليوم ،يستعيد
الذاكرة بعد أكثر من عشرين
سنة على مرورها ،يحاول إعادة
تصويرها في كتاباته كأداة
تجريبية في إطار التحولات
الطبيعية للكتابة الإبداعية ،يفجر
من خلالها أسئلة الراهن ،وذلك
بالاشتغال على ثيمتي الإرهاب
والموت.
لقد شغلت ثنائية الإرهاب والموت
حي ًزا كبي ًرا في الرواية الجزائرية
المعاصرة ،بعودتها إلى واقع
الأزمة التسعينية ،واستحضار
صور الموت والدمار التي حدثت