Page 285 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 285

‫‪283‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫كتب‬

            ‫وليد علاء الدين‬                         ‫طارق الطيب‬           ‫غيره؟»‪ .‬وهما تصديران مؤسسان‬
                                                                                               ‫لما أقصد‪.‬‬
‫خلف أقنعته المحتلفة‪ ،‬ونزع الرؤية‬          ‫اللعبة التالية في نفس التحذير‬
    ‫أو ضبابيتها تلك‪ ،‬وجه لنفس‬            ‫بشكل ربما نظنه مباش ًرا حين‬           ‫صحيح أن التناول والشكل‬
                                         ‫يكمل‪« :‬لقد خدعتك‪ ،‬يمكنك أن‬         ‫مختلف؛ ففي لهو الإله الصغير‬
  ‫عملة الفكرة في رواية «لهو الإله‬        ‫تقرأ لتكتشف بنفسك‪ ،‬أو انزع‬        ‫يعتمد النص على تعدد الأصوات‬
    ‫الصغير»‪ ،‬والذي ُيسلب بطلها‬                                               ‫داخل النص عبر مجموعة من‬
                                            ‫هذه الصفحة‪ ،‬وا ْه ِد الكتاب‬      ‫الرواة العليمين‪ ،‬وعبر تقنيات‬
  ‫شمس ابن ُبستان حواس أخرى‬                ‫لصديق‪ ،‬تمنيت خداعه»‪ .‬هكذا‬       ‫سرد بعيدة عن «الفزلكة» يتحرك‬
                  ‫في مقابل ذلك‪.‬‬        ‫ببساطة ورطنا في تصدير الطيب‬        ‫سرد «الطيب» فيها بنعومة فريدة‬
                                       ‫هو الآخر‪ ،‬فهناك مسئولية كاملة‬     ‫منذ الصفحة الأولى وحتى النهاية‪،‬‬
‫بعي ًدا عن ُجرم التلخيص‬                 ‫لك أن تختار بحرية أن تكمل في‬
     ‫السردي أقول‪:‬‬                        ‫اللعبة من البداية‪ ،‬أو أن تحمل‬         ‫دون أن تجرح بدن الحكاية‬
                                         ‫نصف الوجع منها وتقطع تلك‬           ‫الأم توقفات الثنايا الفرعية‪ ،‬بل‬
    ‫يبدو أن النصين ‪-‬في نظري‪-‬‬             ‫الصفحات‪ ،‬لينطلق عبر الشكل‬       ‫ستجدها كتعشيق صانع أرابيسك‬
  ‫ق َّدما نفس السؤال حول صراع‬           ‫الأقرب إلى المونولوج المسرحي‪،‬‬
   ‫الإنسان مع ذاته التي يكتشفها‬       ‫والمعتمد على تقنيات سرد مختلفة‬          ‫محترف مرة‪ ،‬وأخرى بنفس‬
 ‫حتى وإن كانت في جندر مختلف‬             ‫ومتداخلة‪ ،‬وإعادة تدوير حكاية‬      ‫براءة طفل يجمع لوحة ليغو‪ ،‬وما‬
‫جسد ًّيا ع ّما امتلأ به الروح أص ًل‪،‬‬       ‫الخير والشر عبر هذا النص‬
                                         ‫المغاير والرشيق وبطليه الطفل‬       ‫بين حكاية شمس بطل الرواية‪،‬‬
      ‫كما عند الطيب‪ ،‬والبحث عن‬            ‫والطفل‪ ،‬للوصول إلى مقصده‬        ‫وتعليقات العارف‪ ،‬والكاشف على‬
    ‫مفتاح سؤال الهوية الأول‪ ،‬أو‬       ‫الأول من فهم المعنى المباشر للعبة‬   ‫ما يحدث‪ ،‬تتشابك تلك التفاصيل‬
   ‫عبر الأقنعة التي نرتديها طو ًعا‬    ‫«ال ُغميضة»‪ ،‬وكيف يمكن أن نفقد‬      ‫مرة بسرد طولي متصاعد زمنيًّا‪،‬‬
                                       ‫حاسة الإبصار ونتخبط في عالمنا‬
      ‫وكراهية في لعبة الحياة على‬                                               ‫ومرات عبر تقنيات المراجعة‬
 ‫اتساع المشارب والتوجهات فيها‪.‬‬                                               ‫والفلاش باك التي يقومان بها‬
 ‫كتلك الأقنعة في ال ُغميضة‪ ،‬وقط ًعا‬                                       ‫(العارف والكاشف) لأجل تحييد‬
                                                                            ‫خط سير الأحداث كما يدعيان‪،‬‬
                                                                           ‫ليبسط لنا الطيب منها إجابة عن‬
                                                                         ‫تصدير وليد علاء الدين‪ ،‬في نصفه‬
                                                                           ‫الأخير‪ ،‬مؤك ًدا أنه ليس هناك إلا‬
                                                                          ‫وجه الإنسان مقص ًدا ومطلبًا من‬
                                                                            ‫كل ذلك الوجود بكل ما فيه من‬
                                                                            ‫صراعات الخير والشر الأزلية‪،‬‬
                                                                              ‫وحتى تلك التي لا نعرف عن‬
                                                                          ‫تفاصيلها في عوالم روحية أخرى‬

                                                                                     ‫نؤمن بها أو نتخيلها‪.‬‬
                                                                         ‫والأمر وإن اختلف شك ًل في سرد‬
                                                                          ‫غميضة علاء الدين‪ ،‬والذي يحذر‬

                                                                              ‫من هذا الشكل كأول ألاعيب‬
                                                                          ‫الغميضة‪ ،‬حين يؤكد بعد تصدير‬

                                                                            ‫الرواية بتحذيره‪« :‬تحذير‪ :‬هذه‬
                                                                               ‫ليست رواية‪ ،‬هذه مسرحية‬

                                                                           ‫خبأتها في جسد رواية»‪ ،‬ويعتمد‬
   280   281   282   283   284   285   286   287   288   289   290