Page 282 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 282

‫العـدد ‪32‬‬                         ‫‪280‬‬

                                     ‫أغسطس ‪٢٠٢1‬‬

  ‫الميدان الأسود‪ ،‬ثم صلاح الدين‪،‬‬       ‫بقعة الضوء‪ ،‬ثم يباغتك الضوء‬             ‫المملوكي الأعظم الذى يعود‬
     ‫وحاليًا ميدان «القلعة»‪ .‬وبين‬         ‫الساطع حينما تصل لصحن‬           ‫للقرن ‪8‬هـ‪14 /‬م بميدان القلعة‪.‬‬

 ‫جامعي السلطان حسن والرفاعي‬           ‫المسجد‪ ،‬المكشوف بلا سقف يحد‬            ‫إنه «هرم» العمارة الإسلامية‬
    ‫(ب ُـني بأمر من خوشيار هانم‬        ‫الضوء‪ .‬إنه «الولوج من الظلام‬            ‫التاريخية في بر المحروسة‪.‬‬
     ‫والدة الخديو إسماعيل)‪ ،‬يمر‬          ‫إلى النور»‪ ،‬فتصل إلى ما تريد‬         ‫وفي هذه المساجد التاريخية‪،‬‬

‫شارع محمد علي‪ ،‬وقصة أول ترام‬          ‫مستبش ًرا‪ ،‬متلقيًا بصيرة الإيمان‬     ‫ذات الأسس المعمارية والأصول‬
  ‫بلجيكي الصنع دخل مصر ومر‬           ‫من بعد رحلة المجاز المظلمة نسبيًّا‬        ‫الفلسفية‪ ،‬لا تدخل مباشرة‬
 ‫به عام ‪ .1890‬وفى بدايات القرن‬       ‫من الدنيا‪ .‬وبينما تقف أمام مدخل‬
 ‫العشرين‪ ..‬كانت طريقة الوصول‬          ‫السلطان حسن الشاهق العملاق‪،‬‬          ‫للمسجد عبر بابه الخارجي‪ ،‬بل‬
    ‫لميدان القلعة عن طريق عربات‬                                          ‫تلِ ُج إياه عبر ممر منكسر‪ ،‬فالمدخل‬
 ‫السوارس‪ .‬وأصلها شركة لرجل‬              ‫تتأمل بنيانه‪ ،‬تجد قلعة الجبل‪،‬‬    ‫المظلم «ال ِدركاة»‪ ،‬يقودك إلى دهليز‬
    ‫يوناني أسس شركتين للنقل‪،‬‬         ‫مقر حكم مصر المملوكية على بعد‬
  ‫عمادها سيارات خضراء تجرها‬                                                ‫منخفض الضوء‪ ،‬ممر طولى ذي‬
      ‫البغال‪ ،‬بها دكتين متقابلتين‬        ‫أمتار قليلة‪ .‬ويراقب الغيطاني‬        ‫قبو برميلى حا ٍن يظلل رأسك‪.‬‬
                ‫لجلوس الركاب‪.‬‬          ‫ميدان القلعة وتطوره من ميدان‬          ‫ويطول الممر‪ ،‬حتى تخشى ألا‬

‫وبفلسفة الأرقام‪ ..‬يحكي الغيطاني‬          ‫«ال ُرميلة» إلى «قره ميدان» أي‬  ‫ينتهى‪ ،‬وفجأة ينكسر بك فتلاحظ‬
        ‫أن سلالم الصعود لجامع‬
                                     ‫شارع المعز لدين الله الفاطمي‬
     ‫السلطان حسن‪ ،‬اثنتى عشرة‬
‫درجة‪ ،‬هى ساعات الليل وساعات‬                       ‫درب الطبلاوي‬

   ‫النهار‪ .‬كما أن النوافذ الثمانية‪،‬‬
‫وأعمدة قبة الف ّوارة «الميضأة» التى‬

    ‫تتوسط صحن المسجد ثمانية‪،‬‬
  ‫ودلالات هذا الرقم متعددة‪ .‬وفي‬

      ‫عمارته‪ ..‬نجد تبادل الألوان‬
   ‫الحجرية‪ ،‬وما يسميه الأثريون‬
 ‫الحجر «الأبلق» وهو حجر أسود‪،‬‬
   ‫يليه آخر أبيض‪ ،‬وأحيا ًنا يقابلنا‬
‫حجر أحمر وآخر أبيض بالتبادل‪.‬‬
 ‫وهذا التباين‪ ،‬هو الوجود والعدم‪،‬‬
  ‫والحياة والموت‪ ،‬والليل والنهار‪،‬‬
   ‫والحضور والغياب‪ .‬إن العمارة‬
  ‫هنا تحثك على الدخول‪ ،‬وتأخذك‬

                ‫إلى حيث تبتغي‪.‬‬

‫من المهندسين‪ ،‬إلي لوران‬

‫لم ينحصر ولع الغيطاني بمعمار‬
 ‫القاهرة القديمة فقط‪ ..‬لكن نراه‬
 ‫يستدعي ‪-‬بلغة عذبة في «وداع‬
   277   278   279   280   281   282   283   284   285   286   287