Page 286 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 286

‫العـدد ‪32‬‬                         ‫‪284‬‬

                                  ‫أغسطس ‪٢٠٢1‬‬

‫فلا حاجة لنصوص تدعو للتفكير‬          ‫ولتكتشف حياتك الحقيقية برد‬          ‫لن أقع في جرم السرد الملخص‬
   ‫حول الذات وعلاقات الإنسان‬         ‫الروح إلى أصولها كما في «لهو‬        ‫للنصين‪ ،‬فتلك مسئولية أخرى‪،‬‬
      ‫المتشابكة والمعقدة‪ ،‬ولنقدم‬    ‫الإله الصغير»‪ ،‬أو ر ّد الروح إلى‬   ‫لا أعول عليها هنا‪ ،‬ولكن ستكون‬

‫للقاريء كل ما يريحه بانتصارات‬           ‫براءتها كما في «الغميضة»‪.‬‬          ‫جريمة إن لم أحاول قراءة ما‬
    ‫زائفة عبر كتابات رديئة‪ ،‬ولا‬                                           ‫طرحه النصان مرة بالمباشرة‬
   ‫يهم إن كانت الجريمة هي قتل‬      ‫يبرز سؤال‪ ،‬لماذا يجب‬                     ‫والبساطة على لسان طفلين‪،‬‬
                                  ‫الاحتفاء بهذين النصين؟‬               ‫ومرة بالدفع نحو البحث عن ذات‬
  ‫الكتابة‪ ،‬فأنت كلما حررت الفكر‬                                           ‫الإنسان ودوافع الخير والشر‬
  ‫والسؤال وابتعدت به وتعمقت‪،‬‬           ‫تسود موجة كتابية من نوع‬        ‫فيه مع هذين الطفلين كما في نص‬
‫كلما ق ّض ذلك مضجع الإخطبوط‬        ‫يحلو للناشر العربي وق ّراء الأدب‬     ‫الغميضة‪ ،‬أو عبر توقف مع تلك‬
                                    ‫عبر مجاميع القراءة الإلكترونية‬       ‫اللحظات والتي أسميها لحظات‬
                    ‫الإمبريالي‪..‬‬                                      ‫الكشف داخل نص الطيب‪ ،‬وسؤال‬
 ‫ربما انتبه الكاتب الجاد في عصر‬      ‫تسميته (البيست سيلر)‪ ،‬وهي‬         ‫الحياة وجدواها حين تصمت كل‬
  ‫ما بعد الحداثة‪ ،‬وعصر الحداثة‬        ‫موجة اقتصادية كانت الكتابة‬       ‫الأصوات ويبقى صوتك الحقيقي‬
                                  ‫ضحيتها الأولى‪ ،‬فالحالة العالمية لا‬      ‫وحده داخلك من له قدرة على‬
   ‫السائلة إلى أن سؤال الفردانية‬  ‫حاجة لها لنصوص محملة بأسئلة‬         ‫الحياة‪ ،‬حين تختفي الحياة برمتها‬
  ‫هو السؤال الحتمي الآن‪ ،‬سؤال‬         ‫كتلك التي تطرحها الروايتان‪،‬‬       ‫من حولك‪ ،‬فلا صوت‪ ،‬ولا طعم‪،‬‬
‫يأخذ الذات البشرية عبر التخييل‬         ‫السوق يريد السريع والمعلب‬       ‫ولا لون ولا صور‪ ،‬لتكتشف أنك‬
                                     ‫وسهل الهضم خاصة أن أمعاء‬             ‫وحدك داخل لعبة إلهية ما قد‬
   ‫والسرد ويدور حول مكنونها‬       ‫القاريء لن تحتمل كثافة ودسامة‬        ‫تصل حد اللهو والعبث‪ ،‬كما يأتي‬
   ‫الفردي‪ ،‬لينطلق منه من سؤال‬          ‫النصوص وذلك شجن ليس‬             ‫سر «لهو الإله الصغير»‪ ،‬أو ربما‬
   ‫بسيط‪( :‬من أنا؟)‪ ،‬وصو ًل إلى‬    ‫مجاله الآن‪ ،‬وفي ذلك يتم التحميل‬     ‫أنت وحدك لكن على الطرف الآخر‬
                                                                      ‫من الحياة عبر القناع الذي تختاره‬
     ‫جدوى الوجود كله كما فعل‬            ‫على الحالة النفسية للمنطقة‬    ‫لنفسك ولحياتك‪ ،‬ليأخذك النصان‬
‫الطيب في نصه الرشيق «لهو الإله‬    ‫العربية‪ ،‬والتي لا تزال تحت تأثير‬     ‫بروية وذكاء نحو إجابة السؤال‪،‬‬

    ‫الصغير»‪ ،‬وربما كان السؤال‬         ‫صدمة التمرد‪ ،‬وهو ما يوحي‬
    ‫بشكل آخر حول خصوصية‬            ‫بقلق فقد السيطرة للأنظمة‪ ،‬لذلك‬
  ‫أدوارنا في الحياة‪ ،‬وكيف يكون‬
  ‫الإصلاح بداية بتمرد ذاتي على‬
    ‫النفس وما ترتديه من أقنعة‪،‬‬
   ‫ورفض تام بشجاعة لكل قناع‬
  ‫يخفي وراءه كل الشرور‪ ،‬ولكن‬
      ‫شجاعة مسئولية لا عنترية‬
 ‫وشجار وقتل وضرب وفوضى‬
     ‫وغياب للضمير‪ ،‬ويسأل عن‬
 ‫أصلها كما فعل وليد علاء الدين‬

      ‫في لعبة رواية «الغميضة»‪.‬‬

‫هل أبدو متبن ًيا لنظرية‬
   ‫المؤامرة؟ هل أبدو‬
  ‫متحم ًسا للنصين؟‬

‫تأتي «ربما» إجابة للسؤال الأول‪،‬‬
    ‫و»نعم» للسؤال الآخر‪ ،‬وعلى‬
   281   282   283   284   285   286   287   288   289   290   291