Page 64 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 64
العـدد 32 62
أغسطس ٢٠٢1
وصدرك بالأمل ،وغ ِّن معي أغنية القديس صالح علاقة بالأخلاق ،ولا هي تخاطبك بالعقل والحكمة..
عبد الحي:
هي تارة تلك الصديقة الحانية العطوف المبهجة..
ليه يا بنفسج ِبتِ ْب ِهج ِوان َت زهر حزين.
وتارة هي «كالسيف إن لم تقطعه قطعك»..
-6ال َّس َف ُر هو الإنسان
لماذا أحدثك عن الحياة يا ثييو بكل هذه ال َّصفاقة،
الرحلة لم تكن موفقة يا ثييو كأنني خبِر ُت كل ِم َحنِها ،أو شرب ُت من كأسها الم ِّر
كان بوسعنا ان نسلك طري ًقا أقل ضجي ًجا ،أكثر جرعات ..لا يا ثييو ،لم يكن الأمر سيئًا معي إلى
صمتًا ،أكثر نصاع ًة هذه الدرجة ،لكني أذكر مشاهد قد تفهمها أنت
أضعنا في طريقنا وقتًا طوي ًل من العبث والخطايا، وح َدك ،ما دم َت تقي ُم هنا ،في دقا ِت زمني وقلبي..
فقد كن ُت لا أنه ُض من سقط ٍة إلا وأجدني قد تعالي ُت
خطاياك اللاتغتفر ،وخطاياي التي من وح ِي في السماوات ،سأشرح لك كيف ،أكون مث ًل قد
الصبابة..
سقط ُت في اكتئا ٍب حا ٍّد ج ًّدا ألزمني زاوية الغرفة
إن الطريق هي كل شيء يا ثييو ،الطريق هي جوه ُر لسنوات ضوئية لا أعرف مقياسها ،ثم فجأة
السفر ،والسفر هو معنى الإنسان ،والإنسان هو
دليل الحب ..والحب ليس سوى طريق. أجدني في «استوكهولم» ،صدقني إن ما أحكيه
إنها حلقة مفرغة ،كان علينا أن نعي ذلك حتى لا لك هو الحقيقة ،هكذا حدث ،بخ َّف ِة الساحر كانت
نخسر.
وقد خسرنا ،تلك اللمعة الوضاءة التي ُتش ِر ُق في تلعب معي الحياة مثل هذه الأدوار التي تصيبني
القل ِب بسب ِب الوصول ،ونح ُن لم نصل ..كا َن ثم َة
مهاوي أ َّج َل ْت وصولنا ،ثم بالله عليك يا ثييو هل بالدهشات العظيمة والمبهمة ..في السويد وتحدي ًدا
سمع َت يو ًما عن تائهين وصلا إلى الوجه ِة دون في قرية «اسطافسخو» أعثر عليَّ أهمس للبحيرة
أن تزهق روحيهما من فر ِط الضياع؟ إنني أضحك بأسرار حزني ،أقل ُب أرض الحديقة بحثًا عن رسالة
في سري وانا أستحضر صور تلك العواصم التي منك ،أفتش بين الأحراش عن نداء ،أكن ُس الساحات
حلمنا أن نزورها ،ما كان علينا ان نحلم كثي ًرا، وأنظف واجهات المسارح والبيوت والمحلات طم ًعا
الحلم الكثير يفس ُد المغامرة.. في سهرة معك وسط العاصمة ،بنجوم و َّضاء ٍة
لا بأس ،لا بأس تما ًما..
وشموع ولهفة..
هذا حق ُل تفاح ،وهذه عشيَّ ٌة رائق ٌة لنتسلق الأشجار،
لنمض َغ بطفولة أعشا َب الوقت ..ربما تبز ُغ فكر ٌة يا لطيشي وجنوني يا ثييو ،لقد كانت جدتي «للا
مستحيلة عن مسل ٍك بي َن الأحراش ،يقو ُد إلى
رحابة.. مليكة» تنهاني دائ ًما عن القراءة الكثيرة ،لربما كان
خذ تفاحتك بكامل إرادتك ،حتى لا تلاحقني لعنة معها حق ،فقد قرأت أشعا ًرا لم تزدني إلا غو ًصا
جنَّتك ال َّضائعة.. في المجهول ،وكتبًا لم تغدق عليَّ إلا بالسؤال الحارق
وابتس ْم يا ثييو ..أتو َّس ُل قلبك ابتسم ،وهيا نغني ووج ٍع وت َّكات َح ْيرة.
مع القديس عبد الصادق شقارة: قضي ُت َر َد ًحا من العم ِر أشاهدها -هذه الحياة-
َحبَّك القمر بكمالو ال َخ َبل ،مرة تبتسم في وجهي ت َر ِّقصني على ح ْب ِل
شداك فالنجوم إذا مالو هيأ ِة زرافات تقفز في زرقة فأرى ال ُّسح َب على
السماء فأنتشي ،ومرة تسحبني من معصمي إلى
حلبة المصارعة ،فأظ ُّل أصارع أيامي لكمة تلو لكمة،
واحدة مني وآلاف منها..
عمو ًما يا ثييو لا تقلق ،أعدك أن أسهر هذه الليلة
كي أكتب لك أشياء أكثر إشرا ًقا ،لكن رجاء ،لا تترك
النوافذ موصدة ..افتحها على مصراعيها ،وارسل
في الريح غمزة للحياة وللعصافير التي تأتي إليك
كل صباح على طرف النافذة ،اطعمها يا راعي
العصافير ،ثم املأ رئتيك بالهواء وعينيك بالغواية