Page 60 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 60

‫العـدد ‪32‬‬  ‫‪58‬‬

                                                  ‫أغسطس ‪٢٠٢1‬‬

                      ‫عبد الوهاب الملوح‬

                                            ‫(تونس)‬

‫مخطوطات في جيب حانة‬

          ‫ُتنقذ وقتك من الحاجة إلى رغيف الأمل‬              ‫الجدران‬
               ‫المصنوع بنخالة الشعير المحروق‬
                      ‫ونشارة الأبواب القديمة؛‬                  ‫الجدران طب ًعا أعلى من عاطفة‬
                                                                  ‫تتوهم أنها تحت سقف ما‬
      ‫لا فائدة من التفكير فيما سيحدث بعد الآن!‬
    ‫وهبتك امرأة الموسيقى حجرها قصعة أحلام‬                  ‫والطريق هي المعطف ليست الحذاء‬
                                                     ‫كنا نفكر أن الأمل صباح سيأتي‪ ،‬نلبسه‬
                                ‫فمزقت ظلالك‬
            ‫والقيت بها قمصا ًنا للأماني العارية؛‬                     ‫وأن الرياح هي الطريق‬
                                                                ‫كنا نفكر ولم يكن يهمنا الليل‬
              ‫لا تختصر كل شيء دفعة واحدة‪،‬‬
                ‫لا تستعجل الوصول إلى حجرها‬                             ‫لم تكن تهمنا المسافة‬
           ‫وارتشف الطريق نبيذا تعتق في جرار‬          ‫لم يكن يهمنا دمنا الافتراضي الذي سال‬
    ‫خبَّأها لك الشعر حيث ُعتمة الغموض اللذيذة‬      ‫طبعا كنا نفكر كيف نقفز أعلى من الجدران‬
 ‫وارتشف على مهل في اقداح مقدودة من بأصابع‬
                                                                        ‫عند محطة مهجورة‬
                               ‫امرأة الموسيقى‬                  ‫وسكة حديدية أنبتت الحنظلة‬
            ‫لا تدع لهفتك تستعجل كتم هتافاتها‬              ‫وأنبتت من دمع القطار زه ًرا أسود‬
                                                   ‫كنا نفكر أنه بإمكاننا أن نربي المنفى داخلنا‬
                    ‫وامض صري ًحا في هفوتك‪..‬‬
‫وإن حزنت لا تبحث عن صفات حزنك في فوانيس‬                             ‫كنا نفكر أن الحب منفانا‬
                                                         ‫غير أنهم وضعوا الطريق لنا مشنقة‬
                                         ‫الندم‬
                      ‫وحرير الحنين المغشوش‪،‬‬                        ‫تشابكت أصابعنا ومشينا‬
   ‫تعثر تلعثم تدعثر وتبعثر صبا ًحا لكل وقت بلا‬                               ‫ليس بمشيئتنا‬

                                       ‫جهات‪.‬‬      ‫مشينا بمشيئة ما بيننا من جدران تساقطت‬
                                                            ‫تهاوت‪ ،‬تهشمت‪ ،‬تكسرت‪ ،‬تداعت‬
        ‫أغلفة لكتاب الصباح‬
                                                  ‫ثم قامت جدران تحمينا من كل ما هو ضدنا‬
           ‫وليس الصباح ُمخيلة الأمل المتقاعس‪،‬‬
                      ‫مرآة شارع المطر المتدفق‪،‬‬          ‫أن تفكر كصباح‬

     ‫أو نزوة الس َّكر في يد امرأة تستحم على مهل‬               ‫أن ُيب ْعث َر َك الصباح بلا جهات؛‬
                            ‫في بحيرة شهوتها‪.‬‬                  ‫تدخل نها ًرا لا يفكر كالجدران‪،‬‬
                                                       ‫تفت ُح بخطى صمتك طري ًقا بلا سقوف‬
‫النهار مشقة إسكا ِ ِّف أحذية الهاربين في وهم دون‬               ‫وتم ُّر من بين كراسي الضجر‬
                                     ‫كيشوت‪.‬‬
   55   56   57   58   59   60   61   62   63   64   65