Page 63 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 63
61 إبداع ومبدعون
شعــر
النَّوبة من الضحك التي اعترتني وأنا في الطريق فسقط ُت منتبهة إلى أني كن ُت شجاعة أكثر منك ،أنت
إلى المستشفى الإسباني الوحيد الذي في ضاحية بقي َت معل ًقا بين سحابتين ..أما أنا فقل ُت :بين الحياة
والموت ثم َة وهم علينا أن نكتشف لذائذ أغواره،
المدينة ،إر ٌث تركه الإسبان بالأ ِس َّرة البيضاء
والمعدات القليلة وبالسيدات الطاهرات اللواتي أب ًدا لعل فيه الحقائق جميعها ..فالليل والنهار خلقا م ًعا
لم تغفل َن بياضهن لبا ًسا وسرير ًة ورحمة وأخلا ًقا، بغر ِض أن يصبح العالم أكثر ألفة وأق َّل ضجرا..
(يسمونه َّن هيرمانا وتعني الأخت) منذ زمن كذلك هو الوهم والحقيقة..
الاستعمار..
إنني أعت ُب عليك يا ثييو بأنك لم تغادر هذا البي َن
هو سؤال واحد يا ثييو ،هل السم يض ِح ُك؟ ألا يق ُت ُل من ُذ أحزان كثيرة ،حتى فو َّت علينا فرص َة أن يكون
الس ّم؟؟ لنا صديق اسم ُه الفرح..
الأصدقاء الذين كان أمرنا شورى بينهم ،كانوا
لقد تعلم ُت كيف أبحث عن جوابي بين تجارب
الحياة ،و ما من تجربة مسمومة إلا وأضحكتني، يص ِّعدون لح َن الغضب ويعصفون بكل الريا ِح في
كنا نتراش ُق حين ضحكوا كثي ًرا جوف المغارة..
حتى لكأني تداوي ُت بالألم واللس ِع واللذ ِغ.. ال ُبعد.. غ َل َبنا وقهقهوا حين بال ِعتا ِب القاتل،
ثم إني قرأت مرا ًرا أن الضحك يخلِّ َص الجسم من
السموم ،وإ ًذا ،كي َف أخر َج الس ُّم من روحي كل تلك نسينا أن نفت َح طري ًقا للفج ِر يا ثييو ،ربما كنا نعتقد
أن الحب يذهب الخوف كما قال زوربا ،لكن الخوف
الضحكات؟ جاثم هنا في بهو هذا التَّ َوله ،وإذن ،كيف نجلي ِه إن
“ما لا َيقت ُل يسم ُن” كذلك كانت تردد جدة ِطفليَّ لم يكن باليد في اليد؟
للا السعدية ،ناصحة إيا َي بألا أبالغ في الحرص ثييو ،ما رأي َك أن نجل َس قلي ًل في بيا ِض هذه اله ْدأة؟
ُتغريني سماحتها ،ت ِع ُدني بأننا سنكو ُن فوق تلك
الشديد على كل ما يأكلانه.. القهقهات اللعينة
ها أنا ذي في هذا القطار العائد من الرباط العاصمة،
ما من مرة توقف في محطة «مولاي المهدي» بالمدينة فوق ال ُهيام..
العريقة ،إلا وقفزت إلى الذاكرة ص َو َر ذلك اليوم ُ -4س ُّم الحيا ِة
الذي بك ْت فيه أمي بكا ًء قاه ًرا خو ًفا من فقدي..
لم يعد أي س ِّم يقتلني منذ ذلك الصباح يا ثييو، سأحكي لك حكاية يا ثييو ،رافقتني علامات
أصبح ُت كلما لذغتني صداقة أو عشق أو أيام ..إلا استفهامها إلى حد هذا المنعطف من العمر ،كنت
وقهقه ُت باصقة كل الأسماء والمواقف والساعات لم أتجاوز سني الثاني عشر بعد ،وكنت شغوفة
ِبك َرة ال َّسلة ،في إعدادية المنصور الذهبي بمدينة
المفزعة.. القصر الكبير ،وبينما كنا نستعد لبدء اللعب في
ثييو ،لقد حاولوا قتلي بسم الكلمات والأفعال الساحة التي على حواشيها نبت ْت أعشاب كثيفة
ومن سلالات مختلفة ،كنت أجلس بجوار «حميدة»
والأقاويل والحك ِي المري ِع عن ِّي.. على العشب في انتظار صفارة أستاذ الرياضة ،وإذا
لكني لا أك ُّف عن الضحك.. بعقرب شارد يحلو له أن يلذغني في أصبع رجلي،
ثييو..
صاحت حميدة بفزغ :العقرب ،العقرب..
تعال نضح ُك عاليًا ..ونصد ُح م ًعا بأغنية القديس جاء الأستاذ والمدير والحارس العام وتج ْمهر حولي
رويشة :الليل يا الليل حكا ْيتك غامضة وعجيبة..
بسرعة مدهشة كل من كان قريبًا من الساحة
-5ه َم ْس ُت لل ُب َح ْي َرة إياهاُ ..نود َي على سيارة الإسعاف ،ولكن قبل أن
تصل كانت حرارة عالية قد د َّبت في كل أوصالي،
ستقول لك الحياة أشياء مدهشة في أذنك اليسرى
القريبة من قلبك يا ثييو ،لكنها بعد هنيهة فقط غير أني ما أذكره باستغراب شديد ،هي تلك
ستصفعك صفعة الجبابرة..
إنها الحياة يا ثييو ،لا تعرف المنطق وليست لها