Page 62 - ميريت الثقافية العدد (32)- أغسطس 2021
P. 62
العـدد 32 60
أغسطس ٢٠٢1
وداد بنموسى
(المغرب)
ال َّس ْب ُع رسا ِئل
التخلي ،تيقظ ُت فقط حينما وصل ُت هذا المنحدر من ُ -1خذ المفتاح ب ُق َّوة
العمر ،بأني كنت أتشبث بكل شيء ،بكل أحد ،بكل
كن ُت أشب ُه الموهيكانة الأخيرة وأنا أ ْسلم ذلك المفتاح
فكرة ،بكل حلم ،بكل رغبة ،بكل موجة.. الحديدي الثقيل ،المعلق على صدري منذ أزيد
وإذن ،كيف كنت قبل التخلي أحمل في جسدي كل
من ثماني َن غيا ًبا ،وأل ِف ندا ٍء وسب ِع ميتات ،أسلم
هذه الأرخبيلات؟ وفي روحي كل هذه القارات.. المفتاح وقلبي يصرخ بعنف بأسماء القتلة ،أسلم
فكل َف ْر ٍد قا َّرة وكل فكرة أ ْرخبيل ،وكل رغبة المفتاح وفمي ي ْبصق مرارات ومذاق فواكه محرمة،
َع ْصف.. وكلمات حب قيلت في لحظات أخيرة ،أسلم المفتاح
وبي ما بي من تل ِّظي ،كأني كنت أو ِّقع على خاتمة
كيف ُتراني تحمل ُت كل هذا الثقل زهاء أعما ٍر من ال َّصبر ،وترتجف روحي من هول الوداع ،أكان
عمري الهباء؟ كيف تجرأ ُت وعنَّف ُت أنفاسي بكل
هذه الترهات ..الآن فهم ُت يا ثييو لماذا كان يضي ُق لزا ًما أن يحدث كل هذا يا ثييو؟
بي العالم ،لماذا كانت الحياة شاقة ووعرة كأنها أ ْن أسلم َك المفتاح تحت هذه الشجرة النحيفة
أطنان من الأحزانَ ..س َّرني أن عثر ُت على ِوجهتي: الوحيدة العجوز ،و ِف هذا الح ِّر بالذات ،وعلى وقع
هذه الموسيقى التي لا يصل منها سوى رجفة و َت ٍر
غابة التخلي. يلفظ أنفاسه الأخيرة ،لقد كنّا لا نخطئ فريسة
هناك ..سأبني بيتًا ب ِعلِيَّ ٍة فيها سأض ُع كرسيًّا من الوقت يا ثييو ،نهر ُق ساعات طويلة تحت ورقة
ُقط ٍن وخش ٍب ..علي ٌة بقرميد وأصص وشعاع شمس توت ،ونسم ُع صهي ًل قاد ًما من أحرا ٍش نائي ٍة
ونسم ُع صفي َر ريا ٍح رحيمة كنّا نعبر منه إلى
وعش ٍب ونوافذ..
تخ َّل يا ثييو ابتسامة لعوب وعنا ٍق كأنه الأ َبد..
مفتاح باب ،مفتاح سجن ،مفتاح صندوق أسرار،
تخ َّل قب َل أن ت ْه َج َع الغابة.. مفتاح درج فيه قارورة خلي ِط رحيق العطور ،مفتاح
ِ -3مي َت ٌة عاش َقة جسد ،مفتاح قلب فاجر ..فاجر ياثييو
أيها الشيِّق ،خذ المفتاح بقوة..
ِبنيَّة طيبة وردية مسالمة ،وبكثير من الأحلام
والرغائب والأشجار ،كن ُت َألِ ُج بستا َن أسرار َك -2غا َب ُة ال َّتخلي
يا ثييو ،في ذلك اليوم الذي جلسنا فيه في مقهى
المفترق ،لم يكن أمامي من خيار سوى أن أقفز من نسي ُت متى تخلي ُت يا ثييو ،ومتى سكن ُت إلى يقين
فوق كل ما بني ُت طوييي ًل ،وأن أرتمي ،فارتمي ُت
بلا تفكير عسير ،قل ُت قد أمو ُت ميتتي العاشقة،