Page 137 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 137
135 تجديد الخطاب
محمد عزيز ال ْح َبابي علي عباس مراد ما علق بها من الأنانية والفردانية
والجشع والخلاعة والدناءة.
فيه ،علم على ماذا يقدم ،وفي ماذا متناثرة في رسائله ،لذلك تصبح
ينظر ،وأي شيء سيفيد بنظره، الأخلاق في ضوء نص الرسالة()11 كما ع َّدد ابن سينا القيم الفرعية
وما غناء ذلك ،وأي فضيلة تنال وهي السخاء والصبر والقناعة
مفهو ًما مر َّكبًا يلامس صفة والحلم والكرم والصفح وكتمان
منه»(.)12 الكمال ،ويتحقق هذا الكمال على السر والبيان والحكمة وأصالة
رتب ابن سينا العلوم ،فجعل الرأي والفطنة والحزم والصدق
العلم الإلهي في المرتبة العليا، مستويين: والوفاء والود والرحمة والحياء
مستوى نظري :يتحقق فيه
والعلم الرياضي في المرتبة الكمال بمعرفة العلوم النظرية وعظم الهمة وحسن العهد
الوسطى ،بينما يأتي العلم المحصاة ،وهي التي فصل فيها والتواضع.
الطبيعي في المرتبة السفلى ،كما أبو نصر الفارابي في كتاب
أن هذه العلوم يراد من تعلمها «إحصاء العلوم» وقد قسمها إلى وقد لاحظت أن ابن سينا ينسب
والإحاطة بها المعرفة فقط. خمسة أجزاء وهي علم اللسان الفضائل إلى إحدى قوى النفس
مستوى عملي :يتحقق الكمال فيه وأجزاؤه وعلم المنطق وأجزاؤه، الذي تتماشى مع ماهية الفضيلة
بممارسة الفضائل ،وقد عددها وعلوم التعاليم وهي علم العدد وخاصياتها النفسية ،فكل نوع
ابن سينا في متن الرسالة ،لكنه وعلم الهندسة وعلم الموسيقى
أشار إليها في موضع آخر ،كما والرابع العلم الطبيعي وأجزاؤه، يحمل تركيبة نفسية معينة،
رتب ابن سينا الفضائل وف ًقا والخامس العلم المدني وأجزاؤه، فالسخاء والقناعة ينتسبان حسب
للأنفس وأنواعها ،حيث تعود مبينًا الغاية الخلقية التي من أجلها
الأخلاق إلى ثلاث قوى من قوى ينتفع الطالب بكل علم وأجزائه ابن سينا إلى القوة الشهوانية،
النفس وهي :القوة الغضبية بالقول« :وينتفع بما في هذا والصبر والحلم والكرم والعفو
والقوة الشهوية والقوة العاقلة الكتاب ،لأن الإنسان إذا أراد أن
وهي المهيمنة عند ابن سينا ،أو يتعلم عل ًما من هذه العلوم وينظر والصفح والتجاوز ورحابة
الباع وكتمان السر تنتسب إلى
القوة الغضبية ،والحكمة والبيان
والفطنة وأصالة الرأي والحزم
والصدق والوفاء والود والرحمة
والحياء وعظم الهمة وحسن
العهد والتواضع تنتسب إلى القوة
التمييزية.
يحكي لنا ابن سينا أنه كان
يجاور عالمًا يدعى أبا بكر البرقي
من خوارزم ،وكان فقي ًها زاه ًدا
ومفس ًرا ملتز ًما ،وقد كلف
ابن سينا أن يشرح له بعض
المصنفات ،فلم يتورع ابن سينا
عن تصنيف كتاب ضخم في علم
الأخلاق أسماه «البر والإثم»،
لكن للأسف لم يحظ هذا الكتاب
بالذيوع والنشر ،وبقي حبيس
جدران منزل العالم الزاهد أبي
بكر ،ومع ذلك لا يعدم الباحث
مصنفات أخرى لابن سينا يجدها