Page 133 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021

‫‪131‬‬ ‫تجديد الخطاب‬

‫د‪.‬يوسف الزدكي‬

‫(المغرب)‬

‫سؤال الأخلاق‬
‫عند ابن سينا‬

‫فيها الأخلاق بالعلوم العملية‪،‬‬ ‫الحياة الإنسانية(‪.)1‬‬ ‫مقدمة‬
‫وهي سلسلة مترابطة الحلقات‬ ‫لم تنفصل العلوم الإسلامية عن‬
‫تصب جميعها في اتجاه واحد‪،‬‬ ‫اختزل المعجم الفلسفي‬
‫وتخدم جهة واحدة وتحقق نس ًقا‬ ‫الأخلاق ابتدا ًء‪ ،‬بل تضمنتها‬
‫معرفيًّا متكام ًل‪ ،‬وهدفها الأسمى‬ ‫أصولها وفروعها‪ ،‬فكانت‬ ‫الأخلاق في معنيين‪:‬‬
‫تحصيل كمال النفس الإنسانية‬ ‫‪ -‬الأخلاق النسبية‪ :‬وهي‬
‫بمثابة الأساس الذي بنت عليه‬ ‫مجموع قواعد السلوك المقررة‬
‫بالفعل مهيأة إياها للسعادة‬ ‫صرحها العلمي والثقافي‪ ،‬وقد‬ ‫في زمان معين لمجتمع معين مثل‬
‫الأخروية‪ ،‬منطل ًقا من مساءلة‬ ‫تنبه الفلاسفة المسلمون ‪-‬وعلى‬ ‫أخلاق العرب وأخلاق الفرس‪،‬‬
‫النصوص الفلسفية وتحليلها‬ ‫رأسهم أبو علي ابن سينا‪ -‬إلى‬
‫بناء على المنهج الوصفي التحليلي‪،‬‬ ‫هذا المعطى‪ ،‬فظل البعد الأخلاقي‬ ‫وأخلاق الروم‪..‬‬
‫‪ -‬الأخلاق المطلقة‪ :‬مجموع‬
‫حيث نقارب ماهية الأخلاق‬ ‫متحكما في النسق الفلسفي‬ ‫قواعد السلوك الثابتة التي تصلح‬
‫عند ابن سينا ونوضح حدودها‬ ‫للشيخ الرئيس‪ ،‬لذلك صنف ابن‬ ‫لكل زمان ومكان‪ ،‬ويسمى الذي‬
‫وتقاطعاتها‪ ،‬ونكشف تجلياتها في‬ ‫سينا العلوم إلى نظرية وعملية‪،‬‬ ‫يبحث في هذه الأخلاق بفلسفة‬
‫المتون الفلسفية‪ ،‬ونلامس البعد‬ ‫الأولى تروم «تكميل النفس بأن‬ ‫الأخلاق وهي الحكمة العملية‬
‫الأخلاقي للفلسفة ورهاناتها في‬ ‫تعلم فقط»‪ ،‬والثانية عملية الغاية‬ ‫التي تفسر معنى الخير والشر‪،‬‬
‫ضوء السياق الديني والاجتماعي‬ ‫منها «تكميل النفس لا بأن تعلم‬ ‫وتنقسم إلى قسمين‪ :‬أحدهما عام‬
‫لفلسفة ابن سينا‪ ،‬ثم استخلاص‬ ‫يشتمل على مبادئ السلوك الكلية‪،‬‬
‫النتائج لتعميمها‪ ،‬وفي إطار هذه‬ ‫فقط‪ ،‬بل بأن تعلم ما ُي ْع َم ُل به‬ ‫والآخر خاص يشتمل على تطبيق‬
‫فتعم َل»(‪.)2‬‬ ‫هذه المبادئ في مختلف نواحي‬
‫الإشكالية‪ ،‬أطرح سؤالين‪:‬‬
‫وبذلك يعالج هذا المقال إشكالية‬
‫الأخلاق والمقاصد التي ارتبطت‬