Page 276 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 276
العـدد 34 274
أكتوبر ٢٠٢1
و»العنف التخويني” ( .)1ويمكن يحلو للسياسيين تحميله معاني باللغة الفرنسية فنقولla patrie, :
إضافة مفهوم مشابه ثالث وهو قي ّمية أخلاقية مثل «الوطنية»، .la nationأما كلمة «وطن» باللغة
مفهوم «الحب» الشائع بأنه مشاعر أما جان جاك روسو ،الذي ولد
متبادلة بين رجل واحد وامرأة العربية ف ُمذ َّكرة ،لكن سمتها
واحدة ،ويتم تخوين كل من لا في سويسرا ،مواطن الوطن الذي الأمومة المؤنثة ،فنقول الوطن
تعلمت فيه في مرحلة الطفولة الأم واللغة الأم ،وكما يقال بالمثل
يرتمي في أحضان الحبيب/ة الشعبي السوري «الأ ْم ب ْتلِ ْم».
الواحد/ة ،غير أن وجود المرأة في (فرنسا) ،مهندس العقد الاجتماعي قد تحمل هذه الكلمة مفاهيم
للثورة الفرنسية ،فيقول« :لا ودلالات أخرى مثل القومية،
الكثير من الثقافات يعني وجود تنفصل الوطنية عن الحرية والوطنية ،والعرقية .وتختلف
الوطن ،بل َيع ّدها الشعراء والكتّاب الدلالات عن مفهوم «الوطن» من
الوطن ذاته .وتلك المفاهيم الثلاثة وتستحيل في مجتمع ُمستعبد». دولة لأخرى ،ومن قوم لآخر ،ومن
تقضي إلى الثالوث المحرم (الدين- في معجمه الفلسفي ،يع ّرف فولتير زمن لآخر؛ حيث إ ّن هذه الدلالات
تتغير شيئًا فشيئًا؛ من الأمثلة
السياسة -الجنس) ،الذي يتم الوطن الأم بأنه «يتألف من عدة الحية اليوم استخدام مصطلحات
التحرش فيه فكاهيًّا فقط. عائلات ،ولأننا نتشارك بدعم مختلفة للدلالة عن بقعة جغرافية
واحدة ،فهناك من يتحدث :عن
فالوطن والوطنية والمواطنة، عائلتنا عمو ًما بدافع الحب الصرف الوطن العربي ،وعن الأمة العربية،
ليست فقط مفاهيم ملغومة فكاهيًّا ( /Amour-propreالحب النظيف وعن العالم العربي ،وعن الدول
وسياسيًّا واجتماعيًّا وجغرافيًّا؛ بل العربية ،وعن الشرق الأوسط
حرفيًّا) .فعندما لا تكون لدينا وشمال أفريقية ..كلها تحمل دلالات
وإنسانيًّا .فالوطن ..كلمة بوسع مصلحة مضادة ،فإننا ندعم بنفس جيوسياسية ،قد لا تكون من ضمن
الكون ،لكنها تضيق بصدري .أيامي الحب والتقدير الصرف مدينتنا أو نطاق الدلالات الوجدانية للشعوب
العربية أو الشرق أوسطية والشمال
ال ُخدج في بكر طفولتي بسوريا قريتنا ،التي نسميها وطنًا» .فيما أفريقية التي تقطن هذه البقعة.
مشوشة ،لا أذكر منها سوى صور يقول الكواكبي إن اجتهاد كل فرد الوطن قضية قديمة حديثة ،وهي
كالبرق لوجه جدتي لأمي وخبزها من أفراد «الوطن» في ترقية نفسه علاقة الإنسان بالمكان والسكان
الطازج فج ًرا وبيض دجاجاتها ذات يؤدي إلى ترقية جسم «الوطن» كله، المقيمين فيه؛ وشعوره نحوهما.
ويؤكد أنه إذا كانت حركة الترقي فالإنسان بطبعه متعدد الروابط،
الصفار الغامق ،التي ُتقط ُع لهن غالبة على أفراد الوطن فإنه دليل والوطن أو المسكن إحدى أهم من
بقايا الخضار بكل ح ٍّب وصبر؛ هذه الروابط .فالاتحاد السوفيتي
وعبق الروز من حضنها الدافئ، على حياة الوطن. السابق ،الذي زرته شخصيًّا في
اسماها والدها «روزا» لأنها تشبه في مقالة بعنوان «مراجعات لمفهوم مرحلة تحوله من «موطن» لعدد
المواطنات الفرنسيات اللواتي بعثن من القوميات والأوطان ،ليصبح
رجاله َن لاحتلال أوطان جديدة الوطن» يقول الصحفي رسلان موطنًا للروس فقط ،أما الولايات
يكثر فيها الورد الجوري الشامي. عامر إن فكرة «الوطن» هي مثل المتحدة اليوم فهي موطن لعشرات
كما أذكر لهوي في الحاكورة خلف فكرة «الإله» من حيث ال ّدور الكبير
بيت جدي حيث عناقيد العنب الذي تلعبه ،والتأثير الكبير الذي «الأوطان”.
المتدلية المنثورة من سقف فردوس تؤثره ،فكلاهما مثَّلا « ُمسلَّمات» لم يتفق علماء الاجتماع والسياسة
غاية في النصاعة؛ لا تشبه نبيذ على تعريف حصري لمفهوم الوطن،
البوردو الفاخر والقاني المزروع بالنسبة للمؤمنين بهما ،وهذا باستثناء أنه عنوان جغرافي ثابت،
بترتيب مذهل في حقول الكرمة «التسليم» يكون له عادة العديد من
الفرنسية .ولا تشبه كروم العنب المفاعيل الخطيرة الشأن والنتيجة،
والدوالي التي لم يغادرها جدي فوف ًقا للمفهوم الذي تتضمنه فكرة
لأبي في السويداء ،الذي لم أعرفه إلا الله مث ًل ،غالبًا ما يصبح الاختلاف
من خلال صورته الوحيدة المعلقة
معها مدعاة لـ»التكفير» المؤدي
غالبًا إلى «التعنيف» ،وبشكل مشابه
يصبح «الاختلاف» مع السائد في
فكرة الوطن مدعاة لـ»التخوين»