Page 271 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 271

‫‪269‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫تاريخ‬

             ‫ونستون تشرشل‬                    ‫عبد الرحمن المهدى‬               ‫الجرائد في طريق المفوضية‬
                                                                           ‫بطريقة غير مباشرة‪ ،‬لإيصال‬
     ‫التي رغبت في الدخول تحت‬         ‫يشي بأن بريطانيا لا تستهدف‬
                         ‫حكمه‪.‬‬       ‫تسويق تلك الصورة القميئة له‬             ‫رسالة لفاروق بأن صورته‬
                                    ‫فقط‪ ،‬بل تغيير صورته الإيجابية‬           ‫أصبحت قميئة في كل مكان‪،‬‬
     ‫وخلاصة القول ثلاثة أمور‪:‬‬                                                 ‫وربما كان تغيي ًرا للصورة‬
   ‫أولها‪ ،‬أن الإعلام البريطاني قد‬      ‫لدى المجتمع الأوغندي أي ًضا‪،‬‬         ‫الإيجابية التي أحاط الملك بها‬
 ‫لعب دو ًرا بار ًزا في نقل وتسريب‬  ‫وأن الحكم البريطاني أحسن حا ًل‬         ‫نفسه‪ ،‬مظه ًرا ولاء الأوغنديين‬
   ‫الصورة التي أرادتها بريطانيا‬                                           ‫له‪ .‬فأرادت القوى الاستعمارية‬
 ‫للملك فاروق إلى كل مستعمراتها‬        ‫من حكم فاروق‪ ،‬الذي يتمنونه‬          ‫بطريقة غير مباشرة أن تقول‪:‬‬
‫الأفريقية وحول العالم‪ .‬وأوضحت‬           ‫عاه ًل لهم‪ .‬لكن يبدو أن تلك‬          ‫بأن هناك آرا ًء مضادة لتلك‬
                                                                            ‫الصورة التي نقلت إليه‪ .‬فقد‬
       ‫بأن الصورة التي رسمتها‬        ‫الحملة الشرسة لم تؤت ثمارها‬
    ‫بريطانيا للملك في بلدان وادي‬     ‫خلال الفترة من ‪،1951 -1950‬‬                ‫تسربت مسألة التعريض‬
 ‫النيل‪ ،‬قد استهدفت ترويج هدف‬                                              ‫بشخصه إلى أوغندا عن طريق‬
  ‫خفي لقراء الصحف الأفريقيين‪،‬‬         ‫لهذا استمرت عملية استهدافه‬         ‫جريدة إبيفا ‪ EBIFA‬الأوغندية‪.‬‬
    ‫بقصد إنتاج صورة سيئة له‪،‬‬       ‫طيلة فترة حكمه‪ .‬ولعل ما نشرته‬            ‫حيث نشرت في صفحات ‪10‬‬
 ‫لدى جمهور المستهلكين من أبناء‬                                          ‫و‪ ،11‬وبقية الخبر في صفحة ‪،14‬‬
 ‫مستعمراتها‪ .‬وإذا كانت المقالة لم‬      ‫جريدة إبيفا في عددها المؤرخ‬       ‫في عدد ‪ ،1950 /11 /15‬أشياء‬
‫تتوفر على حجم تلك الصورة التي‬        ‫بـ‪ 5‬مارس ‪ ،1951‬والذي يحمل‬             ‫كثيرة تتعلق بالرحلة الصيفية‬
  ‫خلقتها الجرائد في أعين قرائها‪،‬‬    ‫تعري ًضا ظاه ًرا بمقام الملك‪ ،‬يشي‬      ‫له لأوروبا‪ .‬نقلتها من جريدة‬
  ‫ولا للأثر الذي تركته فيهم‪ ،‬ولا‬      ‫بأن صورة الملك في أوغندا‪ ،‬لم‬     ‫‪ ،Picture Post‬تلك التي توزع في‬
‫لمحتواها وتوقيتات كتابتها‪ ،‬إلا أن‬                                      ‫أوغندا وكمبالا وشرق أفريقيا‪ .‬إ ًذا‬
  ‫تخيل الدراسة لما تركته المقالات‬       ‫تترك للأوغنديين‪ ،‬يقيمونها‬      ‫لو كان الأمر مجرد أخبار متناقلة‪،‬‬
  ‫التي قامت بحصرها‪ ،‬والشعور‬             ‫بأنفسهم كيفما يشاءون‪ .‬بل‬       ‫كان من الممكن أن تكتفي الإدارات‬
   ‫الذي خلفته لدى قرائها‪ ،‬جعلها‬          ‫تدخلت بريطانيا في صياغة‬         ‫الاستعمارية بما هو منشور في‬
                                   ‫النظرة التي تريدها لملك عملت هي‬      ‫الجرائد الإنجليزية‪ .‬لكن الإصرار‬
                                      ‫بنفسها على إنهاء حكمه‪ ،‬بعدما‬     ‫على ترجمة المكتوب عن فاروق إلى‬
                                     ‫كان في إمكانه أن يقلب الصورة‬       ‫اللغات المحلية‪ ،‬يشي بأن الإدارة‬
                                     ‫عليها‪ ،‬على الأقل في أوغندا‪ ،‬تلك‬    ‫الاستعمارية تريد إيصال رسالة‬

                                                                             ‫واضحة إلى الأهالي المحليين‬
                                                                             ‫عن مساوئ الحكم الوطني‪،‬‬
                                                                          ‫وعن الصورة القميئة لفاروق‪،‬‬
                                                                          ‫هذا الذي يقدمونه بدي ًل للحكم‬

                                                                                          ‫الاستعماري‪.‬‬
                                                                             ‫وخلاصة هذا الاهتمام بتلك‬
                                                                             ‫التفاصيل عن حياة فاروق‪،‬‬

                                                                               ‫وعدم الاكتفاء بنشرها في‬
                                                                           ‫الجرائد الاستعمارية المكتوبة‬
                                                                        ‫باللغة الإنجليزية‪ ،‬والإصرار على‬
                                                                           ‫ترجمتها للغة الوطنية المحلية‪،‬‬
   266   267   268   269   270   271   272   273   274   275   276