Page 270 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 270

‫العـدد ‪34‬‬                           ‫‪268‬‬

                                    ‫أكتوبر ‪٢٠٢1‬‬

     ‫بريطانيا وأعوانها من الهنود‬      ‫الأوغنديين‪ ،‬خصو ًصا مسلميها‬             ‫صيغة اتحاد شرق أفريقيا‬
  ‫والأغاخان وطائفته الإسماعيلية‬      ‫وطلابها‪ .‬بل لم يقتصر الأمر عند‬          ‫البريطانية المعروضة عليهم‪.‬‬
‫في كينيا وتنجانيقا‪ .‬فحسب إحدى‬       ‫هذا الحد‪ ،‬فملفات وزارة الخارجية‬     ‫ثانيهما‪ ،‬أن السلطات الاستعمارية‬
   ‫خطاباته في أبريل ‪ ،1951‬يشير‬                                          ‫البريطانية في أوغندا هي المسئولة‬
‫بأنه ترجم الكثير من المقالات التي‬      ‫التي جاءت تحت عنوان «رغبة‬        ‫الرئيسية‪ ،‬عبر هيئة الاستعلامات‬
   ‫تمس مقام الملك والعائلة المالكة‬  ‫الأوغنديين في الاتحاد مع مصر»‪،‬‬      ‫التي أقامتها‪ ،‬عن تزويد الصحف‬
                                    ‫كلها تشير إلى أن كثير من القبائل‬        ‫المحلية بالأخبار التي يريدون‬
     ‫والعرش المصري عن جرائد‬                                                 ‫للشعب الأوغندي أن يتعرف‬
  ‫الإنجليز واليهود والهنود هناك‪.‬‬      ‫الأوغندية أصبحت تدين بالولاء‬            ‫عليها‪ ،‬أو تلك التي يريدون‬
  ‫ذاك ًرا دور الإنجليز الواضح في‬    ‫للملك‪ ،‬وأن رغبتها تمحورت في أن‬         ‫ترويجها بين الناس‪ .‬لذا فإننا‬
                                                                           ‫سنأخذ أوغندا مثا ًل‪ ،‬ونتحدث‬
     ‫نقل فضائح الملك إلى الجرائد‬     ‫يصبح فارو ًقا مل ًكا على الولايات‬  ‫عن صورتين للملك فاروق هناك‪:‬‬
     ‫الأوغندية‪ ،‬من خلال ترجمة‬          ‫المتحدة لمملكة وادي النيل‪ ،‬التي‬        ‫إحداها‪ ،‬إيجابية‪ .‬والأخرى‪،‬‬
   ‫ما هو مكتوب في جرائدهم إلى‬          ‫تضم مصر والسودان وأغندا‪.‬‬
  ‫مختلف اللغات المحلية‪ ،‬للتشهير‬         ‫لهذا يمكن القول بأن الصورة‬                              ‫سلبية‪.‬‬
‫به وبالقصر الملكي‪ .‬لدرجة جعلت‬          ‫الإيجابية للملك في أوغندا تدور‬         ‫الصورة الإيجابية‪ ،‬ويسهل‬
‫المترجم يخجل ويقشعر جلده من‬         ‫حول رغبة الأوغنديين في الدخول‬       ‫التعرف على هذه الصورة‪ ،‬بالنظر‬
   ‫هول ما يقوم بترجمته‪ .‬كاش ًفا‬      ‫تحت جناح التاج المصري‪ .‬وهذه‬            ‫إلى ملفات ومحافظ الأرشيف‬
 ‫معلومة خطيرة عن الوجه الآخر‬           ‫الرغبة يمكن تفسيرها بأمرين‪:‬‬       ‫المصري في دار الوثائق القومية‪.‬‬
‫لأغاخان خلال علاقته مع فاروق‪.‬‬         ‫الأول‪ ،‬أن الخدمات التي قدمتها‬          ‫فهناك عشرات الوثائق التي‬
‫حيث يشير إلى أن ادعائه الصداقة‬          ‫مصر تحت اسم ملكها‪ ،‬كبعثة‬            ‫تسلمها قصر عابدين‪ ،‬تحمل‬
 ‫لفاروق ومصر‪ ،‬يكذبه ما تنشره‬           ‫الملك فاروق الأوغندية ورعايتة‬      ‫توقيعات الكثير من الأوغنديين‬
   ‫الجرائد التي يملكها أتباعه عن‬                                               ‫منذ سنة ‪ ،1950‬تنظر إلى‬
 ‫الملك في شرق أفريقيا البريطانية‬           ‫لمسلميها‪ ،‬هي التي أظهرت‬          ‫الملك فاروق باعتباره عاهلهم‬
    ‫ككل‪ .‬ذاك ًرا أن جمعية أغاخان‬      ‫الولاء لشخص الملك بين الطلاب‬        ‫وملكهم المنتظر‪ .‬ولعل توقيعات‬
      ‫الخيرية هناك تدفع للجرائد‬      ‫الأوغنديين الدارسين في الأزهر‪.‬‬       ‫إدريس عامر البوغندي‪ ،‬رئيس‬
  ‫المحلية مبالغ مالية كبيرة لنشر‬                                           ‫بعثة الملك فاروق الأوغندية في‬
     ‫فضائح الملك وعائلته المالكة‪.‬‬          ‫الثاني‪ ،‬أن مقاومة سياسة‬          ‫الأزهر الشريف‪ ،‬في كثير من‬
                                          ‫بريطانيا التي تفرض عليهم‬        ‫خطاباته منذ نهاية ‪ 1949‬حتى‬
       ‫والغريب أن أمر التعريض‬        ‫مشروع اتحاد شرق أفريقيا‪ ،‬هي‬            ‫‪ ،1952‬والتي تحمل إخلاصه‬
   ‫بفاروق في الصحف الأوغندية‬           ‫التي جعلت الأهالي الأوغنديين‬      ‫إلى العرش المصري‪ ،‬وعن امتنان‬
                                      ‫يرسلون لقصر عابدين‪ ،‬معلنين‬        ‫الأوغنديين لرعاية الملك لمسلميها‪،‬‬
      ‫لم يكتشف أمره عن طريق‬             ‫ولاءهم التام للعرش المصري‪.‬‬      ‫ومخاطبته للملك في إحداها في ‪14‬‬
  ‫الأوغنديين الموجودين في مصر‬       ‫الصورة السلبية‪ ،‬وقد بدأت حملة‬          ‫أبريل ‪« ،1950‬بأمير المؤمنيين‬
‫فقط‪ .‬بل جاء عن طريق المفوضية‬            ‫تشويه الملك فاروق في أوغندا‬        ‫الملك فاروق‪ ،‬ملك قارتي آسيا‬
  ‫المصرية الملكية بجنوب أفريقيا‪.‬‬     ‫قبل رحلته لأوروبا بستة أشهر‪،‬‬       ‫وأفريقيا‪ ،‬وإمام وطن وادي النيل‬
   ‫نظ ًرا لعدم وجود أي شكل من‬          ‫وبالتحديد في يناير ‪ .1950‬بل‬       ‫بكامله»‪ ،‬و»مولانا المليك الصالح‬
                                       ‫لعل الترجمة التي قام بها أحد‬      ‫فاروق الأول‪ ،‬عاهل وادي النيل‪،‬‬
      ‫أشكال التمثيل الدبلوماسي‬           ‫الأوغنديين لكل ما يكتب عن‬       ‫ملك مصر والسودان وأوغنده»‪،‬‬
‫المصري مع أوغندا في ذلك الوقت‪.‬‬       ‫مصر وملكها في الصحف المحلية‬           ‫كلها تشير لمكانته الكبيرة لدى‬
                                          ‫لشرق أفريقيا بصفة عامة‪،‬‬
  ‫وربما اجتهدت المفوضية الملكية‬        ‫وصحف أوغندا بصفة خاصة‪،‬‬
  ‫في بريتوريا في نقل كل ما يدور‬          ‫تشير بوضوح لتلك الصورة‬
 ‫عن الملك في كل أفريقيا الجنوبية‬     ‫المشوهه التي ُسوقت له‪ ،‬من قبل‬

   ‫والشرقية‪ .‬وربما وضعت تلك‬
   265   266   267   268   269   270   271   272   273   274   275