Page 267 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 267

‫‪265‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫تاريخ‬

     ‫صورة الملك فاروق‬

‫في بلدان وادي النيل‬
                                                          ‫د‪.‬أحمد عبد الدايم‬
                                                          ‫محمد حسين‬

  ‫المثلى التي توصلت لها بريطانيا‬      ‫على تشويهها‪ ،‬لتقديمها لرعاياها‬    ‫تكاثرت الشائعات حول الملك‬
  ‫العظمى للتخلص من أعوانها في‬           ‫الأفريقيين‪ ،‬كمثال سيئ للحكم‬
   ‫أي مكان حلت فيه‪ .‬لا تتخلص‬             ‫الوطني‪ .‬ولتوقف هذا الزحف‬         ‫فاروق‪ ،‬ملك مصر والسودان‪،‬‬
   ‫منهم بالهجوم المباشر‪ ،‬بالإقالة‬        ‫القادم من مستعمراتها النيلية‬   ‫على المستويات الدولية والأقليمية‬
   ‫أو الاعتقال أو القتل‪ .‬بل تسعى‬       ‫نحو التاج المصري‪ ،‬والراغب في‬
                                       ‫وقوف مصر وملكها مع مطالبه‬            ‫والمحلية في السنوات الثلاث‬
     ‫لتشويه سمعتهم وسيرتهم‪،‬‬           ‫المشروعة في الحرية والاستقلال‪.‬‬       ‫الأخيرة من حكمه‪ .‬وساهمت‬
  ‫حتى يقتنع الحاكم المحلي نفسه‪،‬‬        ‫وبالطبع هي تعلم أن تقديم تلك‬      ‫تلك الشائعات في تكوين صورة‬
  ‫بأنه هو المسئول عن تلك الحالة‬       ‫الصورة السيئة لفاروق‪ ،‬سيكون‬       ‫سيئة عنه في شتى مناطق العالم‪،‬‬
  ‫السيئة التي وصل إليها‪ .‬وتقنع‬           ‫له تأثير كبير في تغيير وجهة‬    ‫ومنها بلدان وادي النيل‪ .‬ومع أن‬
                                       ‫نظر أهالي تلك المناطق‪ ،‬ضد هذا‬   ‫فارو ًقا يتحمل قس ًطا من مسئولية‬
     ‫غيره بأنه حان وقت التغيير‪،‬‬          ‫الانجراف نحو مصر وملكها‪.‬‬          ‫تلك الصورة‪ ،‬إلا أن بريطانيا‬
   ‫لتعيد ترتيب أوراقها مع هؤلاء‬        ‫وضمانة أكيدة لتأخير استقلال‬      ‫هي المسئول الرئيس عن تكوينها‬
   ‫الذين يعدون أنفسهم لاستلام‬            ‫تلك المناطق لأكثر من عقد من‬     ‫وإخراجها على المستوى الدولي‪.‬‬
 ‫زمام السلطة‪ ،‬والتربع على دست‬                                              ‫ولعل دورها عبر مستعمرات‬
‫الحكم‪ .‬أو ترتب هي نفسها لتقوم‪،‬‬                               ‫الزمان‪.‬‬       ‫وادي النيل البريطانية‪ ،‬طوال‬
‫خلال فترة التشويه هذه‪ ،‬بصناعة‬             ‫ومن المؤكد أن امتداد تشويه‬      ‫الفترة من ‪ ،1952 -1950‬يعد‬
                                         ‫صورة الملك فاروق إلى غالبية‬     ‫تلخي ًصا لدورها في عملية إنتاج‬
     ‫متعاونين جدد‪ ،‬يعملون على‬           ‫بلدان وادى النيل سنة ‪،1950‬‬         ‫تلك الصورة وترويجها‪ .‬فمع‬
 ‫حماية مصالحها‪ ،‬في المنطقة التي‬       ‫يشير بوضوح إلى أن ورقة الملك‬        ‫انتشار وتمدد حركات التحرر‬
‫سيحدث فيها التغيير الذي تريده‪.‬‬        ‫قد باتت على وشك السقوط‪ ،‬وأن‬       ‫الوطني في مستعمراتها الأفريقية‬
  ‫وتسعى هذه المقالة لبناء تفسير‬          ‫بريطانيا قد اتخذت كل السبل‬      ‫بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬ومع‬
‫جديد للأعوام الثلاثة الأخيرة من‬        ‫لاستغلال تلك الصورة المشوهه‬           ‫عدم قدرتها على الدخول في‬
  ‫عمر الملكية المصرية‪ .‬مدرك ًة بأن‬     ‫عبر مستعمراتها‪ ،‬في ضرب كل‬        ‫مواجهات مع كل الأطراف في آن‬
  ‫تقديم صورة فاروق في الخارج‬              ‫من تجرأ عليها‪ ،‬حتى لو كان‬    ‫واحد‪ ،‬كان من الطبيعي أن تبحث‬
‫الإقليمي‪ ،‬لم تكن جز ًءا من فلسفته‬         ‫من أعوانها‪ .‬تلك هي الطريقة‬     ‫عن شخصية مشوهه من حكام‬
                                                                           ‫تلك المستعمرات‪ ،‬أو تعمل هي‬
      ‫في تقديم نفسه لتلك العوالم‬
‫المحيطة‪ .‬فالصورة التي ُر ِس َم ْت له‬
   262   263   264   265   266   267   268   269   270   271   272