Page 263 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 263

‫‪261‬‬        ‫ثقافات وفنون‬

           ‫شخصيات‬

‫على مبارك‬  ‫عبد العزيز فهمي‬                           ‫أحمد عرابي‬               ‫وعرفته الكتب مدي ًرا لدار‬
                                                                       ‫الكتب‪ ،‬مناد ًيا بالأهمية القصوى‬
   ‫ومن الطريف أن نذكر هنا‪ ،‬أنه‬       ‫لم يكن ليتجاوز المائة فرد‪ ،‬فقد‬   ‫للترجمة‪ ،‬وصحفيًّا تميزت مقالاته‬
‫حاز على ثقة وتقدير جميع زملائه‬         ‫كانت أقرب إلى عائلة كبيرة‪،‬‬
                                                                           ‫بالصحف المختلفة بالأصالة‬
    ‫وأساتذته بمدرسة الخديوية‪،‬‬       ‫يعرف كل فرد فيها باقي سكان‬        ‫وعمق الفكر‪ ،‬ومؤل ًفا وطنيًّا ينادي‬
  ‫فاختاره زملاؤه لإيفاده مندو ًبا‬   ‫القرية‪ .‬وكان والده السيد باشا‬
   ‫عنهم لمقابلة وزير المعارف على‬    ‫أبو علي عمدة هذه القرية‪ ،‬تما ًما‬   ‫بالفكر الحر‪ ،‬ومداف ًعا عن حقوق‬
  ‫باشا مبارك ليطلبوا منه الإعفاء‬   ‫مثل والده من قبل‪ ،‬فعرف أحمد‬         ‫الإنسان‪ ،‬ومفك ًرا عالميًّا في دعوته‬
‫من الاختبارات التي كانت المدرسة‬     ‫لطفي كافة الظروف الشخصية‬
  ‫تجريها كل شهر‪ ،‬لينصرفوا إلى‬       ‫والحياتية لأهل القرية‪ ،‬بل ونما‬                           ‫للسلام‪.‬‬
  ‫الإعداد للامتحان العام‪ .‬كان من‬   ‫عنده إحساس بالمسئولية الفردية‬          ‫كانت حياة أحمد لطفي السيد‬
   ‫عادة علي مبارك أن ُي ْخ ِضع كل‬                                      ‫سج ًّل للعطاء والتفاني في خدمة‬
    ‫من يتقدم إليه بطلب لامتحان‪،‬‬              ‫عن مجتمعه الصغير‪.‬‬          ‫الوطن‪ ،‬لا طم ًعا في ثراء أو جاه‬
‫فلا يجيبه إلى طلبه إلا إذا نجح في‬    ‫دخل أحمد لطفي السيد الكتّاب‬         ‫أو سلطة‪ ،‬إذ رفض عر ًضا من‬
   ‫هذا الاختبار‪ .‬فطلب الوزير من‬                                       ‫الضباط الأحرار لثورة يوليو عام‬
   ‫طالب الثانوي أن يبرهن أمامه‬           ‫في الرابعة‪ ،‬حيث أتم حفظ‬         ‫‪ 1952‬أن يصبح رئي ًسا لمصر‪.‬‬
  ‫على السبورة نظرية فيثاغورس‪،‬‬       ‫القرآن الكريم‪ ،‬ومنه إلى مدرسة‬       ‫وعلى الرغم من أن مصر بادلت‬
  ‫بإثبات أن مربع وتر المثلث قائم‬   ‫المنصورية الابتدائية‪ ،‬قبل السفر‬     ‫أحمد لطفي السيد حبًّا بحب‪ ،‬إلا‬
                                     ‫إلى القاهرة للالتحاق بالمدرسة‬        ‫أنها وحتى اليوم‪ ،‬للأسف‪ ،‬لم‬
    ‫الزاوية يساوي مجموع مربع‬                                              ‫تعتن بتراثه الفكري‪ ،‬وإصدار‬
   ‫الضلعين الآخرين‪ .‬وحين نجح‬            ‫الخديوية‪ ،‬حيث صادق عبد‬           ‫نسخة محققة لأعماله الكاملة‪.‬‬
   ‫الشاب في اختبار الوزير‪ ،‬أثنى‬    ‫العزيز فهمي‪ ،‬وحيث تعرف على‬
‫عليه وأجابه إلى مطلبه الذي أوفده‬    ‫كتاب «أصل الإنسان» لداروين‬          ‫مفاتيح شخصية‬
                                   ‫(ترجمة شبلي شميل)‪ ،‬بالإضافة‬             ‫أستاذ الجيل‬
               ‫زملاؤه من أجله‪.‬‬
                                       ‫إلى حفظه للكثير من المعلقات‬    ‫يمثل الإحساس الدفين بالوطنية‪،‬‬
                                      ‫وأشعار كبار شعراء العربية‪.‬‬       ‫والانتماء إلى أرض مصر ‪-‬شعبًا‬

                                                                          ‫ووطنًا‪ -‬أهم مدخل في تكوين‬
                                                                        ‫شخصية أحمد لطفي السيد‪ ،‬إذ‬
                                                                         ‫يقول متحد ًثا عن نشأته الأولى‬
                                                                      ‫بقرية «برقين»‪ ،‬مركز السنبلاوين‬

                                                                          ‫بالدقهلية عام ‪« ،1872‬نشأت‬
                                                                           ‫في أسرة مصرية صميمة‪ ،‬لا‬
                                                                      ‫تعرف لها إلا الوطن المصري‪ ،‬ولا‬
                                                                       ‫تعتز إلا بالمصرية‪ ،‬ولا تنتمي إلا‬
                                                                      ‫لمصر؛ ذلك البلد الطيب الذي نشأ‬
                                                                         ‫التمدن فيه منذ أقدم العصور‪،‬‬
                                                                      ‫وله من الثروة الطبيعية والشرف‬
                                                                       ‫القديم ما يكفل له الرق ّي والمجد»‬

                                                                                      ‫(حياتي‪ ،‬ص‪.)7‬‬
                                                                        ‫وحيث إن تعداد القرية بالكامل‬
   258   259   260   261   262   263   264   265   266   267   268