Page 266 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 266

‫العـدد ‪34‬‬           ‫‪264‬‬

                                                       ‫أكتوبر ‪٢٠٢1‬‬

‫عدلي يكن كممثل شعبي ورسمي‬              ‫خيالك شخص مصطفى كامل‪،‬‬               ‫الأدبية رفضت الامتثال لتعليمات‬
   ‫للأمة‪ ،‬فدب بينهما خلاف رأى‬          ‫كأنما هو والوطنية شيء واحد!»‬         ‫النائب العام الإنجليزي‪ ،‬كوربت‬
   ‫لطفي السيد أنه قد يتحول إلى‬                  ‫(حياتي‪ ،‬ص‪.)59‬‬              ‫بك‪ ،‬ليشتغل بالمحاماة مع صديقه‬
 ‫تنافس يؤدي إلى خصومة‪ ،‬وهو‬             ‫كان لطفي السيد قو ًّيا في دفاعه‬
   ‫ما حدث بالفعل‪ .‬فاختار أحمد‬           ‫عن مصطفى كامل‪ ،‬تما ًما كما‬            ‫عبد العزيز فهمي لعدة أشهر‪،‬‬
                                       ‫كان في دفاعه عن أحمد عرابي‪،‬‬           ‫قبل أن يضيق بها هي الأخرى‪،‬‬
‫لطفي السيد العودة إلى الوطن مع‬         ‫الذي توفاه الله عام ‪ ،1911‬حين‬       ‫ويتجه للعمل بالسياسة والتحرير‬
‫العائدين‪ .‬و ُد ِعي بعد عودته لتولي‬     ‫تعرض لاتهامات بمسئوليته‬
                                       ‫عن الاحتلال الإنجليزي‪ ،‬بل‬                     ‫في صحيفة «الجريدة»‪.‬‬
   ‫دار الكتب المصرية‪ ،‬ومنها إلى‬        ‫وبالخيانة العظمى‪ .‬فدافع لطفي‬            ‫كان لطفي‪ ،‬بخلاف زميله في‬
‫الجامعة المصرية‪ ،‬التي جعل منها‬         ‫عن عرابي‪ ،‬لا بوصفه عسكر ًّيا‪،‬‬          ‫الكفاح ‪-‬مصطفى كامل‪ -‬يرى‬
                                       ‫بل على أنه كان وكي ًل للأمة‬
  ‫أعظم مؤسسة للتعليم العالي في‬           ‫بأسرها ومطالبًا بحقها في‬                ‫سرا ًبا في أي أمل قد يعقده‬
         ‫الشرق الأوسط بأسره‪.‬‬           ‫الدستور قائ ًل‪« :‬لا يجوز لنا‬         ‫المصريون على فرنسا للمساعدة‬
                                       ‫أن نغمط حق الرجل في انالتنا‬
     ‫يقول حسين فوزي النجار‪،‬‬            ‫الدستور» (حياتي‪ ،‬ص‪.)63‬‬                  ‫على زوال الاحتلال‪ .‬فاختص‬
‫تلميذه وكاتب سيرته‪ ،‬بأنه‪« :‬كان‬            ‫أخي ًرا وليس آخ ًرا‪ ،‬فلا يمكن‬    ‫بكتابة افتتاحيات «الجريدة» التي‬
                                       ‫للمؤرخ الموضوعي أن يغمط حق‬            ‫اختصمت اللورد كرومر‪ ،‬ورأت‬
     ‫سياسيًّا بين الساسة؛ وكان‬         ‫أحمد لطفي السيد ذاته في إذكاء‬        ‫فيه س َّفا ًحا ومجر ًما‪ ،‬بعد صدور‬
‫مفك ًرا بين رواده وتلاميذه؛ وكان‬       ‫الشعور بالوطنية الذي اندلع‬
                                       ‫إذ كان‬   ‫‪،1919‬‬  ‫ثورة‬    ‫هاد ًرا في‬        ‫أحكام حادثة دنشواي عام‬
     ‫وزي ًرا في ُعرف المستوزرين؛‬       ‫الأحرار‬  ‫لحزب‬   ‫فاع ًل‬  ‫مؤس ًسا‬        ‫‪ ،1906‬وكانت بمثابة الضربة‬
‫ومدي ًرا للجامعة في حكم المثقفين»‬      ‫الدستوريين‪ ،‬وعض ًوا بأول وفد‬           ‫القاضية‪ ،‬فتم استبدال كرومر‬
                                       ‫سافر إلى أوروبا‪ ،‬للمطالبة بحق‬            ‫كمعتمد السياسة الإنجليزية‬
                    ‫(ص ‪.)221‬‬           ‫مصر في الاستقلال التام‪ ،‬كت ًفا‬
   ‫عاش أحمد لطفي السيد قرابة‬           ‫بكتف مع سعد زغلول‪ ،‬وعلي‬                                   ‫بالقاهرة‪.‬‬
    ‫القرن‪ ،‬فقد توفي عن عمر ‪95‬‬          ‫شعراوي‪ ،‬وعبد اللطيف المكباتي‪،‬‬           ‫وبالإضافة إلى ذلك‪ ،‬فقد كان‬
                                       ‫ومحمد علي علوبة‪ ،‬وعبد العزيز‬          ‫كرومر قد َح َرم مصر من حياة‬
       ‫عا ًما‪ ،‬وهو رئيس للمجمع‬         ‫فهمي‪ ،‬بعد الإفراج عن المنفيين‬           ‫سياسية تطمح لها الأمة‪ ،‬كما‬
    ‫اللغوي‪ ،‬فحق فيه قول القائل‬         ‫الأربع تحت ضغط الشعب‬                     ‫عارض بشدة مشروع إقامة‬
                                       ‫المصري بالكامل‪ ،‬في ثورة لم يكن‬        ‫جامعة مصرية مستقلة‪ ،‬والذي‬
     ‫«كان رج ًل في أمة‪ ،‬وأمة في‬        ‫الإنجليز قد رأوا مثلها من قبل‪.‬‬
                         ‫رجل»‬          ‫طرق مندوبو الوفد بفرنسا‬                    ‫اتفق عليه كل قادة مصر‪:‬‬
                                       ‫‪-‬بعد وصولهم إليها‪ -‬جميع‬                  ‫مصطفى كامل ومحمد فريد‬
                 ‫المصادر‪:‬‬              ‫أبواب مؤتمر الصلح المقام بها‪،‬‬            ‫وسعد زغلول وأحمد لطفي‬
                                       ‫وبدأت بوادر الانشقاق تظهر‬
    ‫‪ -‬لطفي السيد‪ ،‬قصة حياتي‪ ،‬دار‬       ‫جلي ًة بين أعضاء الوفد‪ ،‬ما بين‬                               ‫السيد‪.‬‬
                     ‫الهلال‪.1962 :‬‬     ‫من رأوا أن لا طائل من بقائهم‬           ‫دعا لطفي السيد في «الجريدة»‬
                                       ‫في العاصمة الفرنسية من جهة‪،‬‬             ‫إلى إقامة تمثال لتخليد ذكرى‬
  ‫‪ -‬لطفي السيد‪ ،‬تأملات في الفلسفة‬      ‫وسعد زغلول الذي آثر البقاء‪.‬‬
   ‫والأدب والسياسة والاجتماع‪ ،‬دار‬      ‫وتبرم سعد زغلول بوصول‬                    ‫مصطفى كامل ورثاه قائ ًل‪:‬‬
                                                                             ‫«إن مصطفى كامل كان شعاره‬
                   ‫المعارف‪.1965 :‬‬
 ‫‪ -‬حسين فوزي النجار‪ ،‬أحمد لطفي‬                                                   ‫الوطنية‪ ،‬ووسيلته الوطنية‪،‬‬
 ‫السيد‪ :‬أستاذ الجيل‪ ،‬الهيئة المصرية‬                                               ‫وكلماته الوطنية‪ ،‬وكتابته‬

              ‫العامة للكتاب‪.1975 :‬‬                                           ‫الوطنية‪ ،‬وحياته الوطنية‪ ،‬حتى‬
      ‫‪ -‬عباس محمود العقاد‪ ،‬رجال‬                                                ‫لبسها ولبسته‪ ،‬فصار بينهما‬
                                                                               ‫التلازم الذهني والمعرفي‪ ،‬فإذا‬
         ‫عرفتهم‪ ،‬دار الهلال‪.1963 :‬‬                                              ‫ذكرت مصطفى كامل بخير‪،‬‬

                       ‫‪-------‬‬                                               ‫فإنما تطري الوطنية‪ ،‬وإذا قلت‪:‬‬
         ‫* أستاذ الأدب‪ ،‬قسم اللغة‬                                             ‫الوطنية‪ ،‬فإن أول ما يتمثل في‬
     ‫الإنجليزية وآدابها‪ ،‬كلية الآداب‪،‬‬

                ‫جامعة الإسكندرية‪.‬‬
   261   262   263   264   265   266   267   268   269   270   271