Page 269 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 269
267 ثقافات وفنون
تاريخ
النيل بإنشاء مدارس ومساجد وشبهتها بحياة الزنجي الأفريقي ففتح أبواب التعليم المصري أمام
ومؤسسات أخرى عديدة في في الكونغو ،وأن مصر لا تزال الأوغنديين سنة ،1940وأوجد
في مؤخرة الدول من الوجهة لطلابها بعثة سنوية ،سماها ببعثة
أربعينيات القرن العشرين ،إلا الاجتماعية.
أن بريطانيا من ناحيتها أحدثت وحينما فاتح تشرشل ،خلال الملك فاروق الأوغندية .ونظ ًرا
انقسا ًما بين السودانيين :فريق إحدى زياراته للقاهرة في يناير لتلك الجهود التي بذلها لهم ،لقى
سنة ،1943بشأن إعادة برقة
منهم كان يطالب ،تحت قيادة وجغبوب وأرتيريا والصومال احترا ًما وتقدي ًرا كبيرين ،حتى
الحزب الاتحادي والطائفة والسودان إلى مصر .وهذا أنهم طالبوا بالانضمام لمملكته
يعني أن الملك ما زال يحلم سنة .1949ولاستمرار عطائه
الختمية ،بوحدة وادي النيل تحت بالإمبراطورية الأفريقية ،مصر لهم ،لقبوه بالملك الصالح عاهل
التاج المصري .وفريق آخر ظل وادي النيل ،مطالبين بأن يكون
يطالب ،تحت زعامة حزب الأمة القرن .19لكن هيهات ،هل تسمح التاج المصري هو رمز وحدة
له بريطانيا بالاستمرار في هذا وادي النيل ،من أوغنده جنو ًبا إلى
وطائفة الأنصار ،بالاستقلال عن الحلم؟ بالطبع لا .يتضح هذا في البحر المتوسط شما ًل .إلى هنا،
مصر وبريطانيا .ويعد اعتراف موقف السفير لامبسون ،الذي كانت تصرفات الملك ،وتجاوب
عبد الرحمن المهدي ،زعيم طائفة قطع عليه هذا الطريق بالمرة، أفارقة المنطقة معه ،تشكل وض ًعا
الأنصار« ،بأن إيمانه بقضية ذاك ًرا أن هذا الحق مرهون مقل ًقا للغاية لبريطانيا؛ الدولة
بدخول مصر الحرب إلى جانب المسيطرة على معظم الدول النيلية.
الاستقلال جعل خصومه يشيعون الحلفاء ،ساعتها يمكن لها أن
بأنه يسعى لأن يكون مل ًكا على تجلس على مائدة المفاوضات وبحكم أن جل المستعمرات
السودان ،وأن تلك الشائعات لم لتطالب بحقوقها .لهذا درجت الأفريقية كانت تقف إلى جانب
الحلفاء في الحرب الثانية ،كان
تنته إلا بتبني حزب الأمة ،شعار بعض الصحف الإيطالية على نشر بديهيًّا أن تتعرض صورته داخل
الجمهورية» ،موج ًها لومه لإحدى مقالات عن مصر ،مليئة بالطعن مستعمراتها النيلية للتشويه ،نظ ًرا
والتجريح في أسلوب غير لائق، لتعاطفه مع دول المحور .ويظهر
الصحف المصرية التي طالبت وخاصة عن الشئون الاجتماعية أثر هذا في الحملة التي شنتها
بمحاكمته ،لخروجه عن الولاء المصرية ،حسبما نشرته جريدة الصحف الاستعمارية البلجيكية
للتاج المصري ،ومطالبته بعرش ،Corriere di Milanoبعددها في الكونغو ،على سبيل المثال،
آخر في وادي النيل ،خير دليل الصادر في 30نوفمبر ،1947 في نهاية سنة .1943فلما كانت
على أن صورة الملك فاروق لم بعنوان «الحمار المصري يتكلف الكونغو مستعمرة بلجيكية تؤيد
تحظ بالإجماع عليها داخل الإقليم فرنسا والحلفاء ،كان من الطبيعي
التابع له ،فما بالك بالمستعمرات 987قر ًشا في السنة ،بينما يعيش أن تصبح جنا ًحا مه ًّما في تشويه
العامل المصري بـ 800قرشا». صورة فاروق داخلها ،وداخل
الأخرى البعيدة عنه.
وفيما يتعلق بصورة الملك فاروق وإذا انتقلنا إلى إحدى المستعمرات المناطق المحيطة بها .فإحدى
البريطانية في حوض النيل، خطابات القنصلية الملكية بليوبولد
في أوغندا وباقى مستعمرات
منابع النيل الاستوائية ،كينيا نجد أن صورة الملك فاروق في فيل ،على سبيل المثال ،تشرح
السوادن ،على سبيل المثال ،قد لوكيل الخارجية المصرية ،في
وتنجانيقا ،فكانت مختلفة ارتبطت بالجانب السياسي أكثر 29ديسمبر ،1943الدور الذي
لسببين :أولهما ،أن صورته لدى لعبته إحدى الجرائد الاستعمارية
من الجانب الفضائحي .فمع البلجيكية في هذا الأمر .حينما
الأهالي الأوغنديين وغيرهم، أن مصر ركزت على استقطاب قارنت حياة القروي المصري،
طوال المدة من ،1952 -1950 السودانيين باتجاه وحدة وادي
هي صورة الملك المف َّدى ،وعاهل
وادي النيل ،الذي يتمنون أن
يدخلوا تحت حكمه ،في إطار ما
عرضوه عليه من ضم أوغنده
لوحدة وادي النيل ،هرو ًبا من