Page 274 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 274
العـدد 34 272
أكتوبر ٢٠٢1 أن الوطن السوري ليس ملتب ًسا
جغرافيًّا فحسب ،بل و»جماعاتيًّا»
أي ًضا إن صح الاشتقاق ،كون لا
يمكن الحديث عن وطن مرتبط
حصر ًّيا بالفرد ،لأن الفرد واقعيًّا
يعيش في جماعة ،ذات علاقات
وروابط انتمائية وتعاونية وقوانين
وأعراف .فما الذي يربط السوري
السرياني أو الأوغاريتي أو
الآشوري بالسوري البدوي الذي
ينحدر من شبه الجزيرة العربية؟
ما الذي يربط السوري الأرمني أو
الشركسي أو الكردي بالسوري
العربي؟ ما الذي يربط السوري
السني بالسوري الشيعي أو
العلوي أو الدرزي أو الإسماعيلي
أو الأرثودوكسي أو الكاثوليكي أو
اليهودي؟
إن مفهوم الوطن أصبح متض ِّمنا
لعام َلين هما الجغرافيا والاجتماع،
وبشكل أد ّق الأرض والجماعة،
بحيث يمكن القول عند هذا المستوى
إن الوطن هو الأرض التي تعيش
وتسيطر عليها الجماعة التي ينتمي
إليها الفرد .وعند هذين المستويين
البديهيين بالنسبة لأكثر الأوطان،
غير أنهما شديدا التأزم عند
السوريين .ولذلك كانت سوريا
على مر التاريخ ولا تزال منطقة
صراعات كبرى.
حيث دخل الإسكندر المقدوني
سوريا فات ًحا سنة 333قبل الميلاد،
وخيم في تخوم أنطاكيا السورية،
(لواء الإسكندرون الذي يقع تحت
السيادة التركية منذ عام )1938
وشرب من ماء نبع قريب قبل أن
يبوح بمقولته الشهيرة« :ماء هذا
النبع يذكرني بحليب أمي ..سوريا
هي وطني الثاني”.