Page 49 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 49

‫‪47‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫رؤى نقدية‬

      ‫وقد سجل الناقد أهم تحول في مسار الرواية‬            ‫نجده في كتابه قيد الدراسة حيث فصل القول في‬
   ‫العربية‪ ،‬تجلى في «الانتقال من الغلاف‪ /‬الصورة‬         ‫هذه المسألة في أكثر من محور‪ ،‬خاصة‪ :‬في المبحث‬
  ‫إلى الغلاف‪ /‬اللوحة‪ ،‬ففي سياق الاهتمام بالمظهر‬        ‫الثاني من الفصل الأول بعنوان‪« :‬جماليات العنوان‬
‫الخارجي للكتاب‪ ،‬شرع الروائيون في فتح صفحات‬              ‫الشاعري في رواية «يا بنات إسكندرية»‪ ،‬وتوصل‬
  ‫أغلفة روايتهم الأمامية ‪-‬على الخصوص‪ -‬لفنانين‬
‫تشكيلين‪ ،)12(»..‬في هذا السياق انفتح الروائي إدوار‬           ‫إلى أن عناوين الروائي غالبًا ما تتسم بميسم‬
‫الخراط على التجربة التشكيلية للفنان المصري عدلي‬           ‫شاعري‪ ،‬مثل ما نرى في النماذج التالية‪« :‬يقين‬
    ‫رزق الله الذي كان يرسم لوحات أغلفة روايته‪،‬‬           ‫العطش»‪« ،‬أضلاع الصحراء»‪« ،‬ترابها زعفران»‪،‬‬
   ‫فأحدث خلخلة في أفق توقع الحساسية الجديدة‪،‬‬
                                                            ‫«أمواج الليالي»‪« ،‬احتراقات الهوى والتهلكة»‪،‬‬
         ‫وفي أفق القراء والذائقة البصرية العربية‪.‬‬         ‫«اختناقات العشق والصباح»‪« ،‬أبنية متطايرة»‪،‬‬
‫انتخب الناقد لدراسته لوحة الغلاف الأمامية لرواية‬
                                                              ‫«حريق الأخيلة»‪« ،‬رقرقة الأحلام الملحية»‪..‬‬
     ‫«يا بنات إسكندرية» نموذ ًجا للدرس والتحليل‬        ‫فبالإضافة إلى البعد العشري لاحظ الناقد أن بعض‬
    ‫محل ًل محتوياتها ومكونتها ووظائفها الجمالية‬        ‫عناوينه لا تخلو من غرائبية شعرية؛ مثل العناوين‬
   ‫من منطلق التأويل الذاتي قصد التعمق في طبيعة‬
‫التداخل الحواري بين الفن الروائي والفن التشكيلي‬            ‫التالية» «رامة والتنين»‪ ،‬و»مخلوقات الأشواق‬
                                                          ‫الطائرة»‪ ..‬وفي المبحث الرابع من الفصل نفسه‪،‬‬
                ‫(إدوار الخراط‪ ،‬وعدلي رزق الله)‪.‬‬         ‫درس «الخطاب الافتتاحي الشاعري وأفق القراءة‬
 ‫تقوم الدراسة النقدية التي قدمها أشهبون للوحات‬        ‫التناصية» في «يا بنات اسكندرية»‪ ،‬كما درس البنية‬
                                                      ‫الناظمة للعنوان الرئيس من خلال العنصر التركيبي‬
      ‫الفنان عدلي رزق الله على تحليل إطار اللوحة‬       ‫والعنصر الدلالي‪ ،‬بالإضافة إلى الوظيفة التي يقوم‬
    ‫ومكوناتها التيمية (الألوان‪ ،‬الأعشاب‪ ،‬الطبيعة‪،‬‬        ‫بها في عملية القراءة‪ ،‬ولم يكتف بدراسة العنوان‬
  ‫الجسد‪ ،‬المرأة‪ ،‬المشهد‪ )..‬متجاو ًزا ذلك إلى دلالات‬
  ‫هذه المكونات والألوان والرموز والأشكال والآثار‬            ‫الرئيس‪ ،‬بل امتد إلى دراسة العنوان النوعي‪/‬‬
      ‫التي تخلفها من صور وإيحاءات وخيالات في‬          ‫الثانوي في ارتباطه بالكتابة السردية ككل‪ ،‬وأشكال‬

                                        ‫المتلقي‪.‬‬        ‫ترابطه بالعناوين الداخلية‪ ..‬أما في الفصل الثاني‪،‬‬
      ‫يتبين لنا من خلال هذا المبحث أن الحساسية‬             ‫فقد خصص المحور الثاني الموسوم بـ»شعرية‬
 ‫النقدية الجديدة عند الناقد عبد المالك أشهبون تهتم‬
 ‫بدراسة خطاب العتبات من خلال تيمة جديدة هذه‬             ‫الحوار في رواية «يقين العطش»‪ ..‬في هذه المحاور‬
    ‫المرة‪ ،‬غير العنوان واسم المؤلف وجنس الكتاب‬          ‫وغيرها نجد الناقد شغو ًفا بتتبع المظاهر الشعرية‬
    ‫وباقي الهوامش الأخرى‪ ،‬بل تتطرق إلى دراسة‬             ‫في الجسد السردي وتحليليها وكشف جمالياتها‬
‫اللوحة الفنية المثبتة على الغلاف الأول للرواية‪ ،‬وهنا‬     ‫وإضافاتها إلى المتن الروائي وأثرها على القارئ‪.‬‬
   ‫يتداخل النقد الروائي بالنقد الفني‪ /‬التشكيلي في‬       ‫نستنتج ‪-‬مع الناقد أشهبون‪ -‬أن البعد الشاعري‬
   ‫توليفة أدبية فنية جديدة‪ ،‬تتجه بالنقد الجديد إلى‬       ‫شكل للحساسية الروائية الجديدة حماية من آفة‬
                                                         ‫السطحية والتكرار والمباشرة الفجة‪ ،‬وأضاف لها‬
           ‫دراسة زوايا ظليلة لم يهتم بها من قبل‪.‬‬
                                                                                ‫قي ًما جمالية لا تحصى‪.‬‬
  ‫‪ )6 -4‬الحساسية الجديدة ونقد النقد‪ :‬من‬
‫تحليل الخطاب الروائي إلى تفكيك الخطاب النقدي‬                ‫‪ )5 -4‬الحساسية الجديدة‬
                                                          ‫والخطاب الروائي والتشكيلي‪:‬‬
‫لم تقتصر الحساسية النقدية الجديدة عند الناقد‬
   ‫عبد المالك أشهبون على تحليل المتون الروائية‬          ‫في واحد من أهم المباحث في الفصل الأول‪ ،‬يتطرق‬
  ‫للمصري إدوار الخراط فحسب‪ ،‬بل امتدت إلى‬                   ‫الناقد لدراسة الفن الروائي والفن التشكيلي في‬
                                                           ‫الإبداع العربي من خلال تجربة الروائي إدوار‬
                                                                ‫الخراط والفنان التشكيلي عدلي رزق الله‪.‬‬
   44   45   46   47   48   49   50   51   52   53   54