Page 48 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 48

‫العـدد ‪34‬‬    ‫‪46‬‬

                                                     ‫أكتوبر ‪٢٠٢1‬‬

     ‫عند القراءة‪ ،‬ونكون حذرين ذلك الحذر المتيقظ‬            ‫النقدية التي اشتغل بها في هذا الكتاب‪ ،‬وهي‬
       ‫أمام الأسئلة التي تشرع أمامنا آفا ًقا جديدة‬     ‫تقنية جديدة بمثابة جناحين متكاملين يحلق بهما‬
                                                       ‫الفكر النقدي الجديد‪ ،‬كما تساعد القارئ على فهم‬
    ‫مفتوحة‪ ،‬محفزة للإمكانيات الفكرية والخيالية؛‬      ‫المستشكل والعصي من القضايا المتعلقة بين التراث‬
    ‫من أجل الحصول على تأويلات‪ /‬قراءات تسهم‬           ‫والحداثة والماضي والراهن‪ ،‬وتعطي للقارئ فرصة‬
  ‫في تعددية‪ ،‬وإخصاب المضامين الثاوية في دواخل‬           ‫الاطلاع على الأمور والثيمات التي تشتغل عليها‬
 ‫النص الإبداعي‪ ،)11(»..‬ومهما يكون فإن الحساسية‬         ‫الحساسية الجديدة وكيفية معالجتها‪ ،‬كما تجعل‬
 ‫الجديدة عند عبد المالك أشهبون تنطلق من منهجية‬
 ‫نقدية متوازنة‪ ،‬ودقيقة‪ ،‬لا تغيب المبدع‪ ،‬لكنها تولي‬        ‫منه قار ًئا فعا ًل ومتفاع ًل يق ًظا عبر اشراكه في‬
   ‫للقارئ مكانة متميزة إيما ًنا منه بقدرته على بناء‬  ‫العملية النقدية‪ ،‬ومشار ًكا في التلقي والتأويل‪ ،‬وذلك‬
                                                      ‫بعقده للمقارنة بين الظاهرتين المدروستين والدفع‬
                       ‫العملية الإبداعية الروائية‪.‬‬
                                                       ‫به إلى استخلاص الخلاصات والتمايزات والآفاق‬
      ‫‪ )4 -4‬الحساسية الجديدة‬                                                                ‫والرؤى‪.‬‬
       ‫وشعرية النقد الروائي‪:‬‬
                                                          ‫‪ )3 -4‬الحساسية الجديدة‪،‬‬
     ‫لقد بدأ الناقد عبد المالك أشهبون حياته النقدية‬           ‫والرؤية المنهجية‪:‬‬
  ‫ناق ًدا للشعر العربي المعاصر‪ ،‬وذلك عبر ملاحقته‬
  ‫ومتابعته للتجربة الشعرية الشبابية بالمغرب إبان‬        ‫أهم ما يقوم عليه هذا الكتاب النقدي‪ ،‬هو كشف‬
   ‫الثمانينيات‪ ،‬لذا فإن نقده الروائي لا ينفك يبحث‬     ‫فتوحات الحساسية الجديدة ورهاناتها في الذائقة‬

    ‫في شعرية السرد الروائي والقصصي‪ ،‬قبل هذا‬                ‫القرائية‪ ،‬حيث ركز على فعل القارئ ومفعول‬
  ‫الكتاب‪ ،‬قد عالج هذه الإشكالية في كتابه السابق‪:‬‬       ‫القراء‪ ،‬وتخييب أو تغيير أفق الانتظار في روايات‬
‫«آليات التجديد في الرواية العربية الجديدة» (دار ما‬    ‫الحساسية الجديدة‪ ،‬والتركيز على القارئ الجديد‪،‬‬
‫بعد الحداثة ‪ ،)2005‬يكفي أن أدلل بالفصل المعنون‬
‫«الروائي والشاعري» في «عناكب من دم المكان لعبد‬             ‫قارئ الحساسية الجديدة‪ ،‬والذي هو «قارئ‬
 ‫السلام المساوي»‪ ،‬في هذه الدراسة القيمة والوافية‬         ‫شغوف‪ ،‬ذو ثقافة واسعة وله خبرة لابأس بها‬
  ‫يعالج الناقد تجليات الشعري وانكتابه في رواية‪/‬‬       ‫في مجال تذوق النصوص التقليدية‪ ،‬كما أنه قارئ‬
‫نصوص عبد السلام المساوي السردية‪ ،‬الأمر نفسه‬             ‫له إلمام مهم بالنصوص الحداثية‪ ،‬وينتظر رواية‬
                                                        ‫«جديدة»‪ ،‬مصاغة بأسلوب أكثر جرأة وجسارة‬
                                                     ‫وعلى مقاس فني مغاير»(‪ ،)10‬وقد توافق كل ذلك مع‬
                                                       ‫المنهج النقدي الموظف في الدراسة‪ /‬الكتاب‪ ،‬وهو‬
                                                       ‫منهج‪ /‬نظرية التلقي‪ ،‬مع تركيز شديد على «أفق‬
                                                     ‫الانتظار» باعتباره مفهو ًما استراتيجيًّا من المفاهيم‬
                                                      ‫الأساسية التي يتشكل بها الوعي الروائي عند كل‬
                                                     ‫من الروائي والقارئ في المنظومة الروائية الجديدة‪.‬‬
                                                     ‫في قراءاته النقدية يجتهد الناقد عبد المالك أشهبون‬
                                                         ‫كي لا يسقط في «حبال القراءة الإسقاطية التي‬
                                                         ‫تفترض مطابقة الرواية للمواصفة المعروفة في‬

                                                          ‫عالم الرواية التقليدية كما ترسخت مع نجيب‬
                                                     ‫محفوظ وغيره‪ ،‬بل ينبغي أن نستنفر كافة حواسنا‬
   43   44   45   46   47   48   49   50   51   52   53