Page 66 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 66

‫العـدد ‪34‬‬                           ‫‪64‬‬

                                                              ‫أكتوبر ‪٢٠٢1‬‬

‫علي نوير‬

‫(العراق)‬

‫صورت ِك أ ّيتها البلاد‪..‬‬
‫أين أضعها الآن؟‬

        ‫ليس ل ِك من الينابيع‬                                             ‫كلّما أضع صور َت ِك أمامي‬
        ‫سوى دموع الأ ّمهات‪.‬‬                                         ‫حجبها الدخان‪ ،‬وغ ّطتها الأتربة‪،‬‬
         ‫ليس ل ِك من الأمطار‬
‫سوى الأشلاء المُتناثر ِة على الساحات وفوق‬                                           ‫كلّما ل ّوح ُت ل ِك‬
                    ‫الأرصفة‪.‬‬                                                        ‫غاب ِت الإشار ُة‪،‬‬
        ‫ليس ل ِك من الأغاني‬                                                         ‫وارتبك ِت اليد‪،‬‬
‫سوى ما حفظناه يو ًما من السيّدة «زهور حسين»‬
                                ‫عن ظهر حزن‪.‬‬                                           ‫وارت ّدت إل ّي‪،‬‬
        ‫ليس ل ِك من المديح‬                                  ‫كما لو كانت َفنا ًرا أدركت ُه موج ٌة عارمة؟‬
‫سوى هجاء الأرض العطشى لأنهارها المُستبا َحة‪.‬‬
                         ‫ليس ل ِك من الأناشيد‬                    ‫أسأل الريح عن مدار ِك الذي أفل َت‪،‬‬
‫سوى ما ير ّدده دراويش العصر في حفلاتهم‬                                               ‫أو أُفلِ َت منّي‪،‬‬
                                ‫التن ّكرية‪.‬‬
        ‫ليس ل ِك من الأنين‬                                                    ‫َبي َد أ ّن أسئلتي ذهبت‬
‫ليسوسىل ِكُحنمجنرا ٍةلتاُمريش ّرخخ ٍة لكثرة ال َفقد‪.‬‬     ‫تبحث في أدراجها الخاوي ِة‪ ،‬ولم تعد إلى الآن‪.‬‬
‫سوى ُخراف ِة الماضي السعيد‪.‬‬
      ‫ليس ل ِك من الجغرافيا‬                                             ‫أسأل سما ًء لم تعد َخفيض ًة‬
‫القلب‪.‬‬  ‫آف ٍل بحجم‬  ‫ليسوسىل ُِكمثلّم ٍثن‬                         ‫عن جدوى مو ِت الورد ِة قبل أوانها‬
            ‫البكاء‬                                              ‫ترت ّد أسئلتي رصاصا ٍت من ِس ّجيل‪.‬‬
        ‫سوى كلماتي هذ ِه‪.‬‬
                    ‫‪...‬‬                                                          ‫كلّما أقول للبحر‪:‬‬
‫ليتني أصعد أعلى ز ّقور ِت ِك الآن‬                         ‫أين ذهب َت بالسواح ِل والب ّحار ِة والأشرعة؟‬
‫لأرى كم يلزمني من الشموع‬
                 ‫كي أضي َء جرا َح ِك الكثيرة‪.‬‬                        ‫تنتفض الحيتان لتبتل َع السؤال‪.‬‬
                             ‫ما ع ّد ُت أص ّدق‬                             ‫أين أضع صورت ِك الآن؟‬

     ‫أنبا َء قيامت ِك الأخير ِة ومو ُت ِك ماث ٌل أمامي‪،‬‬  ‫لا مكان على الحائط المُبتلى باللافتات وصور‬
‫وأصوا ُت المُشيّعين تقطع الطري َق على ُحل ِم نها ٍر‬                                     ‫الق ّديسين‪،‬‬

                                                          ‫لا مكان على الأرصف ِة المُزدحم ِة بالمتس ّولين‬
                                                                              ‫والعاطلين عن الحياة‬

                                                                ‫أين أضع صور َت ِك الآن أ ّيتها البلاد؟‬
                                                                      ‫وليس ل ِك من الأرض الواسع ِة‬

                                                                    ‫سوى حق ٍل َفسي ٍح بحجم مقبرة‪،‬‬
                                                                      ‫أو مقبر ٍة فسيح ٍة بحجم حقل‪.‬‬
   61   62   63   64   65   66   67   68   69   70   71