Page 70 - ميريت الثقافية رقم (34)- أكتوبر 2021
P. 70

‫العـدد ‪34‬‬    ‫‪68‬‬

                                                       ‫أكتوبر ‪٢٠٢1‬‬

‫مصطفى نصر‬

‫زواج الشاعر الإنجليزي روبرت بروننج‬
‫من إليزابيث باريت‬

‫‪ -‬قلت ألف مرة أن تغلقوا النافذة المقابلة لحجرة أختكم‬    ‫يترك الطبيب أدواته فوق الكومدينو القريب من سرير‬
 ‫إليزابيث‪ ،‬فقد تخرج بمقعدها المتحرك لقضاء حاجتها‪،‬‬                        ‫إليزابيث‪ ،‬ويقول لها في نبرة يأس‪:‬‬

    ‫فتصاب بنزبلة برد‪ .‬وهي جسدها رقيق لا يحتمل‪.‬‬         ‫‪ -‬معذرة عزيزتي إليزابيث‪ ،‬فقد احترت في حالتك هذه‪.‬‬
      ‫يقف الطبيب وهو يضع أدواته في حقيبته قائ ًل‪:‬‬         ‫تحاول إليزابيث أن تحرك جسدها نحوه‪ ،‬فلا تقدر‪:‬‬
                      ‫‪ -‬سأحضر إلي ِك بعد يومين‪.‬‬               ‫‪ -‬إنني محتارة مثلك يا دكتور‪ ،‬بل كدت أيأس‪.‬‬
                               ‫يدخل الأب‪ ،‬قائ ًل‪:‬‬                                  ‫يجلس الطبيب أمامها‪:‬‬

‫‪ -‬مساء الخير ‪-‬إليزابيث‪ -‬مساء الخير يا دكتور‪ ،‬كيف‬       ‫‪ -‬حالتك من الناحية العضوية ليست خطيرة‪ ،‬وكثيرون‬
                                  ‫حال إليزابيث؟‬          ‫استطاعوا السير بعد علاج يسير‪ ،‬وعلاج طبيعي لمدة‬
                                                                                               ‫قصيرة‪.‬‬
  ‫‪ -‬هي في حاجة لفسحة‪ ،‬لماذا لا تسمح لها برحلة مع‬                                  ‫تتنهد إليزابيث في أسى‪:‬‬
                               ‫أخوتها في الريف؟‬              ‫‪ -‬سبب حالتي المتدهورة هي الحبسة‪ ،‬ليتك ‪-‬يا‬
                                                           ‫دكتور‪ -‬تغير نظام العلاج‪ ،‬أن تكتب مث ًل‪ ،‬روشتة‬
                           ‫يصيح الأب في غضب‪:‬‬                             ‫بالخروج إلى الحديقة‪ ،‬أسير فيها؟‬
  ‫‪ -‬لا‪ ،‬إليزابيث لا تستطيع السير لخطوات قليلة‪ ،‬إنني‬                           ‫‪ -‬ذلك هو رأيي أي ًضا‪ ،‬إنما‪..‬‬
 ‫أحملها ‪-‬بمعاونة أخوتها‪ -‬وأعيدها ثانية إلى فراشها‪.‬‬                                        ‫‪ -‬تقصد أبي؟‬
  ‫لا تنس يا دكتور أنها وقعت الأسبوع الماضي عندما‬            ‫‪ -‬هو يحبك كثي ًرا‪ ،‬خاصة بعد أن وقع ِت من فوق‬
                                                                            ‫الحصان‪ ،‬وحدث ل ِك ما حدث‪.‬‬
                     ‫حاولت السير دون مساعدتنا‪.‬‬          ‫‪ -‬أوه يا دكتور‪ ،‬إنه ليس حبًّا‪ ،‬لا‪ ،‬إنه شيء فوق الحد‪.‬‬
             ‫تحاول إليزابيث أن ترفع نصفها الأعلى‪:‬‬
‫‪ -‬الحبسة تكاد تقتلني يا أبي‪ ،‬تعلم يا أبي‪ ،‬إنني لم أكن‬  ‫لا يريد أن يتركني أفعل ما أريد‪ ،‬يظل معي في الحجرة‪..‬‬
         ‫أكف عن الشقاوة والجري من هنا إلى هناك‪.‬‬                                      ‫‪ -‬أفهم ما تقصدين‪.‬‬
             ‫يقترب الأب من سريرها ويمسك يدها‪:‬‬
  ‫‪ -‬وهذا ما أوصلك للحالة السيئة التي أنت فيها الآن‪.‬‬                         ‫تتنهد إليزابيث في أسى وحزن‪:‬‬
 ‫‪ -‬دكتور تشامبرز يعرف أكثر في هذه الحالات‪ ،‬ورأيه‬            ‫‪ -‬آسفة لأنني أتحدث عن أبي بهذه الطريقة‪ .‬لكنه‬
           ‫أن أحاول السير وأن أخرج من هذا البيت‪.‬‬            ‫يخنقني باهتمامه بي‪ ،‬لولا الأوقات القصيرة التي‬
                                                             ‫يباشر فيها أعماله‪ ،‬ما استطعت أن اقرأ أو أكتب‬
                     ‫يصيح الأب في ثورة وغضب‪:‬‬
                     ‫‪ -‬أنا أدرى بحالتك من غيري‪.‬‬                                       ‫مقالاتي وأشعاري‪.‬‬
                     ‫يقترب الطبيب من الأب قائ ًل‪:‬‬            ‫يأتي صوت الأب عاليًا في الخارج‪ :‬هذه فوضى‪.‬‬
 ‫‪ -‬مستر باريت‪ ،‬أؤكد لك أن حالتها العضوية لا تؤدي‬         ‫يتغير صوت إليزابيث بما يعني أنها خائفة ومرتعدة‪،‬‬
‫بها إلى كل هذا العجز‪ ،‬لا‪ ،‬صدقني‪ ،‬إنها حالة نفسية لا‬
                                                                       ‫تمسك يد الطبيب قائلة‪ :‬لقد جاء أبي‪.‬‬
                                          ‫أكثر‪.‬‬                        ‫يأتي صوت الأب من خارج الحجرة‪:‬‬
                            ‫يصيح الأب في ثورة‪:‬‬
   65   66   67   68   69   70   71   72   73   74   75