Page 68 - حلقة دراسية - نهائية
P. 68

‫ربما أخذ النقود ليشتري بها طعا ًما لهما… لم يخطر لأبي صير أن رفيقه كان سيئ النية‪ ،‬لأنه هو كان طيب القلب‪،‬‬
                                                                                        ‫رضي النفس‪ ،‬بسي ًطا‪.‬‬

    ‫خرج أبو صير من الغرفة بعد شفائه من مرضه‪ ،‬وسار في المدينة ليبحث عن رفيقه‪ ،‬وليبحث عن عم ٍل يوفر له‬
     ‫عيشه‪ .‬وبينما هو يسير في الطريق‪ ،‬وصل إلى مصبغة أبي قير‪ ،‬وشاهد الناس مزدحمين أمامها‪ .‬وبعد أن سأل‬
     ‫بعضهم عن ذلك‪ ،‬عرف أنه أمام مصبغة رفيقه القديم‪ ،‬وأن هؤلاء الناس يريدون صباغة ثيابهم وتلوينها بالألوان‬

                                                         ‫الجميلة‪ ،‬وعرف أن رفيقه الصباغ أصبح مشهوًار وغنًيا‪.‬‬
 ‫دخل أبو صير المصبغة ليقابل أبا قير ويسأله عن أحواله‪ ،‬وكيف استطاع أن ينجح في هذا الوقت القصير‪ .‬وعندما‬
‫أطل أبو صير على داخل المصبغة‪ ،‬أرى منظًار غريًبا لم يكن يتوقعه‪ .‬لقد أرى أبا قير يجلس على منص ٍة عالي ٍة‪ ،‬وهو‬
 ‫يستند على الوسائد الحريرية‪ ،‬ويحيط به الخدم من كل جان ٍب‪ ،‬ويلقي الأوامر على هذا وذاك‪ ،‬فُينفذ كل واحٍد ما أمره‬

    ‫به‪ .‬ولم يكد أبو صير يقترب من منصة رفيقه الصباغ‪ ،‬حتى أشار أبو قير على أحد الخدم بأن يقبض على أبي‬
 ‫صير ويرميه أر ًضا ويضربه مئة ضرب ٍة‪ .‬ولم يستطع أبو صير المسكين أن يتكلم‪ ،‬فتلقى الضربات بصبٍر وأل ٍم‪ .‬وبعد‬

                                                                         ‫الضرب‪ ،‬ألقاه أحد الخدم في الشارع…‬
     ‫أفاق أبو صير من غشيته ق اربة العصر منكسر النفس ‪،‬فـسأل أحد المارة ان يدله على طريق الحمام فـ رد العابر‬
   ‫مستغرباً ( حمام ؟؟ ‪ ...‬ماذا تقصد بـذلك؟ ) فأجاب أبا صير ( إنه مكان يغتسل فيه الناس في مغاطس باردة أو‬
 ‫ساخنة فـ ينعمون بـ نظافة ُمنعشة ‪ .‬فقال له الرجل العابر ‪ ( :‬اذهب إلى البحر الجميع يقصدون البحر للاستحمام ‪-‬‬

                                                                                                ‫حتى الملك)‪.‬‬
   ‫استغرب أبو صير ‪ ..‬كيف أن مدينة كبيرة وعظيمة لا تحوي حماماً‪ ،‬فـقرر مقابلة الملك في اليوم التالي لـ عرض‬
   ‫مشروع الحمام عليه ‪.‬استقبل الملك أبا صير بـ تلطف واستمع إلى شرحه عن مواصفات الحمام وفوائده ‪ .‬وهكذا لم‬
‫تمضِ بضعة اسابيع الا وكان أبو صير يدير حماما فخما كامل التجهي ازت ‪ .‬وجعل أبو صير حمامه الملكي مفتوحا‬
 ‫للجميع فق ارء واغنياء وكل زبون يدفع حسب طاقته وقناعته‪ ،‬وقدر الناس لابي صير طيبة قلبه وحسن معاملته فكانوا‬

                                    ‫كرماء في عطاياهم وفي مقدمتهم الملك الذي اخذ يزور الحمام مرة كل اسبوع‪.‬‬

                                                         ‫‪68‬‬
   63   64   65   66   67   68   69   70   71   72   73