Page 69 - حلقة دراسية - نهائية
P. 69

‫وطارت شهرة الحمام في المدينة حتى بلغت اسماع ابي قير فقرر زيارة الحمام دون أن يعرف أن صاحب هذا الحمام‬
    ‫هو أبو صير‪ ،‬وكم كانت دهشته حين أرى أبا صير جالساً في وسط البهو بين مقاصر الحمام يلبي طلبات زبائنه‬
    ‫فأقبل عليه بلهجة المعاتب‪( :‬أخي ار هذا انت أيها الصديق العزيز لكأنك نسيت صديقك المسكين أبا قير طوال هذا‬
                                                                                                     ‫الوقت)‪.‬‬

 ‫ثم تبادلا أط ارف الحديث عن نجاحهما‪ .‬ودور الملك وتلطفه معهم ومعاونتهما في مشروعيهما وعز على ابي قير ان‬
 ‫ينال أبو صير مثل حظوظه عند الملك ‪ .‬فـسولت نفسه الشريرة له تدبير مكيدة يقضي بها على أبا صير زميله القديم‬

   ‫‪ ،‬فـ تكلف الابتسام وقال يحمس أبا صير‪ ( :‬هناك شيء يجب ان تكمل به حمامك يا أبا صير! أتذكر ذلك المرهم‬
    ‫من دهن الصنوبر وزيت الليمون الذي كنا نستمتع به في حمام الاسكندرية ‪ .‬أن الملك سـيسره جداً ان يدلك جسده‬

      ‫بهذا المروخ المنعش بعد حمامه وسيقدر ذلك)‪ .‬غادر أبو قير الحمام متجها إلى قصر الملك فو ار وحين اذن له‬
   ‫بالدخول قال بـ َنَفس متقطع ( جئت أحذرك يا ملك الزمان من صاحب الحمام الجديد اني اعرفه منذ زمن وما جاء‬
    ‫مدينتك إلا مبعوثا من قبل اعدائك لقتلك ولن يثنيه عن ذلك عطفك عليه وقد استدرجته بالحديث واكتشفت المكيدة‬

      ‫التي ينوي تنفيذها لقتلك ) ‪ .‬فـهز الملك أرسه باهتمام وقال ‪ ( .‬وما هي هذه المكيدة‪ .‬؟ ) فـأجاب أبو قير متابعا‬
 ‫( زيارتك التالية للحمام سـيعرض أبو صير ان يدلكك بمروخ صنوبري التمويه ‪ -‬هو في الحقيقة سم زعاف ‪ ,‬لا ينفع‬

    ‫معه علاج ‪ .‬فـ خلال ثلاثة ايام من عملية الدلك يخترق السم الجلد إلى القلب‪ .‬وبذلك تكون النهاية‪ .‬وحينئذ يكون‬
                                                       ‫الغدار قد ابتعد عن شواطئنا أميالا‪ .‬فـلا تطاله يد العدالة)‪.‬‬

    ‫أخذ الملك تحذير ابي قير بـبالغ الاهتمام والجد‪ .‬وهكذا فإنه ما ان عرض عليه أبو صير في زيارته الاسبوعية ان‬
  ‫يدلكه بالمروخ المنعش حتى امر رجاله بالقبض عليه وزجه في السجن فو ار ‪ ،‬وصدر حكم الاعدام على ابي صير‪،‬‬

                                                                                    ‫على ان ينفذ الحكم غرقا ‪.‬‬
  ‫كلف قائد بحرية الملك بوضع ابي صير مقيدا في كيس ُمعبأ بالجير‪ .‬واخذه إلى عرض البحر وعندما يعطي الملك‬
‫إشارة التنفيذ من شرفة قصره ال ُمطل على الميناء يلقي القائد الكيس ومحتوياته في الماء‪ .‬وكان قائد البحرية من زبائن‬

      ‫أبي صير وقد كان يعرف ان أبا صير رجل خلوق وطيب‪ ،‬بل من المستحيل ان يحدث هذا الأمر من أبا صير‬
    ‫وعرف أيضاً أن هذه مؤامرة دنيئة فما كان منه إلا أن هربه في قارب إلى جزيرة قريبة ليختبئ فيها وناول القائد أبا‬

                                                         ‫‪69‬‬
   64   65   66   67   68   69   70   71   72   73   74