Page 115 - merit 52
P. 115
113 إبداع ومبدعون
قصــة
كما أنه لن يكون مصيبًا كذلك بنفس التأكيد توزن بميزان المنطق والحجاج المقنع؟
السابق ،ليس مخطئًا لأنني حتى أنا لا أدرك كنه آه ..أشعر وكأن أح ًدا عبث بمسودة مصيري
هذا السر الغامض الذي يجرفني بثبات مرعب واقداري ووضعتني في هذا المحك المظلم.
نحو الهاوية والهلاك الأكيد ،ولا أعتقد أن هناك قد ينحو ناظر حاذق للأحداث وينتهي إلى خلاصة
مان ًعا عقليًّا يح ِّرم الذهاب إلى هذا الاتجاه من توجز وتربط رغبتي المتأججة في الموت باعتلال
التحليل وربط هذه النتائج المتسلسلة منطقيًّا مزاجي وتدهور صحتي النفسية بشكل مريع،
بالأسباب .لكن ما ينفي هذا الاحتمال قط ًعا هو
أنني نسيت أمر هاتفي المسروق ،وبالكاد أتذكره، الذي بدوره ناجم عن سرقة هاتفي بمحطة
ليس نسيا ًنا تا ًّما لكن لم أشغل نفسي بأمره إلى المواصلات في ذلك اليوم ،لن يكون مخطئًا بالتأكيد
الحد الذي قد يدفعني لتخليص حياتي بسبب
فقده ،ولولا تزامن حادث سرقته مع بداية استعار
رغبتي في الموت لما تذكرته ولا ذكرته قط.
كنت مشغو ًل يومها بتدوين ورسم خطوط
عريضة لقصة قصيرة على هاتفي اللوحي ،واتتني
فكرة كتابتها بينما كنت أنتظر امتلاء مقاعد
الحافلة ،قصة قصيرة برقت فكرتها في رأسي
في التو واللحظة .كتبت استهلالها «عبرت إلى
الضفة الأخرى للـ ”..وفي هتيك اللحظة تحدي ًدا
وعبر نافذة الحافلة خطف لص محترف هاتفي
واختفى بين الزحام ،واستأصل معه بذرة القصة
التي لمَّا تزل بعد مشي ًجا لم يتم تلقيحه برحم
القص والحكي لتنمو إلى قصة قصيرة بالغة
وراشدة ومكتملة الشروط الفنية من سرد وحبكة
وشخصيات ،غير أن ما حدث كان تتمة تفاعلية
ساخرة للقصة التي ضاعت قبل أن توجد ،قبل أن
ُتحكى ،تمث ٌل تجريبي لحقيقة أن الوجود كامن في
العدم والعكس بالعكس.
كنت شخصية قلقة في هذيك القصة الموءودة،
لكن لا أذكر أن موضوعها وهيكلها البنائي
كان السرقة أو شيء من هذا القبيل ،وأ ًّيا يكن
موضوعها أو موضعي في القصة ،شخصية
رئيسية كنت أم هامشية ُتنسى وكأنها لم تكن،
ولا يتعاطف معها أحد؛ لا يهمني ذلك قط ولا قيمة
له عندي .فما قيمة الهاتف ،القصة ،الحياة ..إلخ
بالنسبة لشخص يقف على شفير الموت بقدمين
مرتجفتين وروح خراب نخرها سوس العبث؟
على كل حال أستوصيكم بأنفسكم وبغيركم خي ًرا،
والسلام.