Page 110 - merit 52
P. 110
العـدد 52 108
أبريل ٢٠٢3
طلال الطيب
(السودان)
شعر أفريقي خشن!
ميلادي أتذكر أنها تألمت كثي ًرا في هذا اليوم فأشتري أنا رجل عادي ج ًّدا ،وليس لهذا معنى .أقصد بأني
لها هدية .من السهل أن أشتري لها الهدايا فأنا أعلم من النوع الذي إذا جلس بالقرب منك فلن يثير
الأشياء التي تحتاجها والتي تكرهها. انتباهك .أحمل كي ًسا فيه طماطم وربع جبنة وليمون
سوف أبدو رتيبًا لو حدثتك عن امرأة أحبها ،لا ورغيف.
بأس ،الحياة أص ًل رتيبة .ألم تفكر بأن القمر يدور
حول الأرض منذ سالف العصر والدهور ،أقصد بأن أعمل في وظيفة عادية لولا أنني آخذ مرتبًا في كل
نفس القمر رآه فرعون ذات يوم في طفولته ولعله شهر فلن يلاحظ أحد بأني أعمل ولن ألاحظ أنا بأني
أثار فيه شجونا رومانسية ،حتى الإسكندر العظيم
حلم بأن يطير إليه بخيول من نار! أه ..أقصد بأن أعمل.
أقصى ما أستطيع فعله من حركة وتغير في الكون
الرتابة صفة وجودية. أنني أغسل السكين وأقطع الطماطم وأخلطها بالجبنة
المهم أنا أحب جارتي لحسن حظي ،فكلما كان
من تحب قريبًا منك كلما كانت حياتك أفضل وآكل .هل أخبرتك بأني نباتي؟
أنا لست كذلك ،لأني لا أحب اللحم ،لكن ذات يوم
لكن ليس دائ ًما .هي بنت جامعية لعلي اشتريت ربع كيلو لحمة وبينما أنا أغسلها وجدت
أكبرها بأربع سنوات لكنها أجمل مني قطعة صغيرة من الجلد .أذكر أني حملتها بحذر
شديد ،شممتها وعرفت بأنها قطعة من جلد كلب!
بكثير. ذهبت إلى الشارع واقتربت من كلب الجيران الطيب
قبل أن تغلق الحكومة إذاعة بي بي سي وهو أي ًضا علم بأني أحمل قطعة جلد كلب ،فكشر
كنت أرقد على سريري ،أرتدي عراقي،
عن أنيابه وأبرز مخالبه وأخذ يضرب الأرض
وأضع راديو فوق الطاولة وأسمعها، بجنون!
لا أقصد بأني أسمع الإذاعة بل أسمعها
هي .كانت تدرس أطفال الحي الحساب لم يتب َّق له إلا أن يقفز على عنقي ويعضه .فع ًل هو
كلب طيب كان يبصبص بذيله كلما رأني!
والإنجليزي والعربي في حوش بيتها.
أتخيل لو تزوجتها سوف تنقل لوحها الأسود إلى لا أعرف ما الذي يعجبه ف َّي لكن يبدو أن للكلاب
قدرة كبيرة على أن تحب أي أحد (الكلب بريد
هنا وتدرس أطفال الحي.
أتخيل بأني سوف أطلب منها أن تتوقف عن ذلك خناقوا) أتحسس عنقي كلما تذكرت هذه العبارة.
المهم منذ ذلك اليوم أخذت فقط آكل النبات وأحيا ًنا
وحينها سوف أبدو ح ًّقا مثل وغد حقيقي.
هي ليست جميلة ج ًّدا ،لكنها تعجبني ،فكلما رأيتها السمك.
يخفق قلبي بشدة ،أحيانا يستحسن أن تتزوج تلك حياتي تسير بسلاسة ،يحسدني عليها الكثيرون.
لا أستدين من أحد ،لا أخرج للنادي حتى أثرثر مع
التي كلما رأيتها تزداد نبضات قلبك.
لها شعر أفريقي خشن ،شعر كثيف ج ًّدا .لو أطلقته أحد ،لا أمارس هواية معينة.
أحيا ًنا أتصل بأمي ليس لأني أحتاج لحنانها بل لأني
سوف تبدو مثل مغنية الجاز نينا سيمون. لا أريد أن أبدو كناكر للجميل ،في كل مرة يأتي عيد