Page 107 - merit 52
P. 107
105 إبداع ومبدعون
قصــة شاحبي َن كأشبا ِح الكوابيس.
محالي ُل ..محالي ُلُ ..ح َقن.
***
ُن َت َف شا ٍش بيضاءُ ..ن َت َف حمرا َء قا ِنية.
ُث َّم ح َّل علي َك ضيف ،تراه لأول وآخر مرة ،على في ُبره ٍة حا ِضره ،رأيت ما يشبه ِمكواة موسى
ِمشج ٍب كان يعلق ابتسامته المُريبة ،ب ُح ُن ٍّو دنا من
وج ِهك ،له رائح ُة المِسك وال َّزعفران ،حم َل َق كأ َّنما المكوجي هبطت على صدرك ،انتفض َت ب َهل ٍع،
تقاذفتك الذكريات.
يتأ َّكد هل أنت هو ِفع ًل ،مسح بي ٍد باردة جبي َنك
وأخرج ورقة ،وقبل أن يش ُطب اسمك ،قرأه يوم تعلُّمك سياقة الد َّراجة ،سقوطك على الأرض،
ض ِحك أقرانك الطفولي اللَّزج.
مصحو ًبا باس ِم أ ِّمك التي كانت لت ِّوها ترتدي أبي َض،
وتسي ُر عبر نه ٍر من حليب ،ب ِمهني ٍة عالية أع َتق َك من يوم ِختانكُ ،جلبابك الأبيض ،الهلال على جبينك،
َصلصالِكِ ،صر َت خفي ًفا ِخفة ال ِّريح .كنت بصحبة زغاري ُد جدتك ،بكاؤك وأنت تتب َّول بصعوبة ،وأنت
الضيف وآخرين عمالقة ِبيض تع ُر ُجون نحو تتقافز تلعب ال ِحجلة مع بنات الجيران ،براءتهن،
السماء ،في طري ِقك ،كان يتّكئ على سحابة شيخ ضحكاتهن ال ُّطفولية المُعدية وبلا سبب ،تأتيك
كأصداء بعيدة من وراء سبعة ِبحار.
أبيض الوجه واللِّحية ،قال لك:
إز َّيك يا حبيب .قلت :تع ِرفني؟ وه! قال باستِهجان: ***
عيب يا حفيدي التَّا ِسع وال َّسبعين! ثم َق ْه َقه و َق ْه َق َه
صعق ٌة أُخرى.
وقهق َه ك ِطفل. ُتشتِّت أطيا َف ِذكراكُ ،تنبِّه خلاياك ،تقفز نصف
ِشب ٍر وتهبط ،كلمات أجنبية تتقاذف تسمعها بعيدة،
***
وهي قريبة لأصحاب المرايل ال ُخ ْضر .تندفن
ُتصادفك ِمرآة كبيرة تعكس أصدقاءك ال َّصلصاليين في رمال الذكرى ُمجد ًدا ،جد ُتك وأنت ،في وس ِط
في الأدنى ،حزا َنى ،كأ َّن َنكب ًة حلَّت بهم. جلس ِة زار ير ُّن طار في دماغكُ ،بثينة الغجرية،
صديقة ج َّدتك ،تراها بجلابية ،وطربوش أحمر،
ال ِّصحا ُب الأ ِخ َّلء ،الأ ِج َّل ُء ،الوريفون ،الأوفياء. تنفخ ِسيجارة وتتماي ُل ،وتل ِف ُظ كلما ٍت أجنبية مثل
تقول ،ربما لم أُخبرهم ،أ ِّني الآن في ِزيار ٍة فلكيَّة التي لأصحا ِب المرايل ال ُخضر ،وتتماو ُج في دماغك
لأ َّو ِل م َّرة ،لا أعرف حتى كم تستغ ِرق ،لم يتركوا لي
فرصة أن أخبركم ،أو حتى أن أترك لكم رسالة على الرؤى كخي ِط ُدخا ِن ال ِّسيجارة.
الواتساب ..آسف ح ًقا ،ولا أعرف حتى أين هاتفي ***
الجوال ،فقط لا تقلقوا .آه ،تذ َّكرت ،أخذ هاتفي
َصعق ٌة ثالثة.
الج َّوال وأشياء أخرى أحد أصحاب المراي ِل ال ُخضر لم تدرك أنك قفزت أم لا ،كنت خارج ِح ِّسك ووعيِك،
قبل دخولي تلك الغرفة ،أخخخ ،لن أُسامح ُه.
آ ِسف ِصرت حالة ُمش َّوشة لا واعيةَ ،خ ِد َر جس ُدك،
آ ِسف أح َسس َت بأنك تركته في مكا ٍن ما.
آ ِسف.
ضحكة طفوليةُ ،مقهقهةَ ،م ِرحة ،لها صدى عذب،
*** تأتيك من قا ِع بئ ِر الذكريات ..كانت لأختِ َك الوحيدة.
ومضيت خفي ًفا ..صاع ًدا ..ذائبًا في ال َّسديم.. وردة حمرا َءُ ،تحلِّق في فرا ِغ أرخبي ٍل حاف ٍل
صاع ًدا ..خفي ًفا ..خفي ًفا ..صاع ًدا ..خفي ًفا ..تتن َّش ُق بال ُخضرة .كانت لحبيبتِك في عيد ميلادك الأخير.
امرأة و ِريفة الملا ِمح ،ترتدي أبي َض ،وتسي ُر عبر نه ٍر
رائح َة الأ َزل ..خفي ًفا ..صاع ًدا ..خفي ًفا ..خفي ًفا..
صاع ًدا ..خفي ًفا ..صاع ًدا ..نهائيًّا ..وبلا َعودة! من حليب ..كانت أمك.