Page 109 - merit 52
P. 109

‫‪107‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

     ‫قصــة‬

‫ﺑﻴﻜﺖ ﺑﺸﺪﺓ ﺣﻴﻦ ﺗﺬﻛﺮﺕ ﻳﻮﻡ ﻓﺮﻲﻗﺍ ﻬﻟﻢ‪ ،‬ﻻ ﻱﺭﺩﺃ‬                 ‫ﻻ ﻱﺭﺩﺃ ﺣﺔﻘﻴ ًﻘ ﺍﺫﺎﻟﻤ ﻻ ﻗﺃﻮﻯ ﻠﻰﻋ ﻌﻓﻞ ﺷﺀﻲ ﻭ‬
 ‫ﺣﻰﺘ ﺍلآﻥ ﺳﺒﺒًﺎ ﺍﻭﺿ ًﺤﺎ ﻟﺮﺣﻠﻲﻴ ﻬﻨﻋﻢ ﻴﻏﺮ ﺗﻬﻮﻱﺭ‬             ‫ﻛﺄﻧﺎﻤ ﺑﺪﻧﻲ ﻗﺪ ُﺣ ِﻘﻦ ﺑ ُﺴﻢٍّ ﺃﺿﻌﻒ ﻭﺭﺣﻲ‪ ،‬ﻠﻗﺖ‬
                                                         ‫ﻓﻲ ﻧﻲﺴﻔ‪ :‬ﻣﺎ ﺟﺪﻯﻭ ﻭﺟﻮﻱﺩ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﻟﺍﺰﺧﻢ ﻣﻦ‬
                         ‫ﻭﺳﻮﺀ ﺗﻘﺪﻳﺮﻱ ﻸﻟﻣﻮﺭ‪.‬‬
  ‫ﺃﺗﻮﻕ ﻟﺮﺅﻳﺔ أﻣﻲ ﺇﻭﺧﻮﺗﻲ‪ ،‬ﺗﺬﻛﺮﺕ ﻛﻴﻒ ﺑﻰﻜ ﺃﺑﻲ‬                  ‫ﻔﻟﺍﻮﺿﻰ؟ ﺍﺫﺎﻟﻤ ﻻ ﺃﺣﺰﻡ متاعي ﻭ ﺭﺃﺣﻞ لبلد‬
                                                      ‫“ﻳﻬﺪﻫﺪ ﻪﻴﻓ ﺸﻟﺍﻮﻕ ﻪﻠﻫﺃ ﻭ ﻳﻬﺰﻫﻢ ﻛﺎﻤ ﻳﻬﺰ ﻴﺴﻨﻟﺍﻢ‬
    ‫ﺃﻭﻧﺎ أحمل حقائبي وأغاﺭﺩ‪ ،‬ﻟﻢ ﻩﺭﺃ ﻳﻲﻜﺒ ﻃﻮﻝﺍ‬
     ‫ﺣﺎﻴﺗﻲ ﺒﻗﻞ ﻟﺫﻚ ﻴﻟﺍﻮﻡ الحزين ﻪﻠﻌﻟﻭ ‪-‬ﻣﻠﻲﺜ‪-‬‬           ‫ﺎﻗﻣﺕﺎ ﺼﻗﺐ ﻜﺴﻟﺍﺮ في مزارع ِكنانة ببلادي؟”‪،‬‬
 ‫ﻳﻲﻔﺨ ﺎﻌﻟﺍﻃﺔﻔ ﺩﺎﺼﻟ ِﺍﺔﻗ ﻭ ﻋﺎﺸﻟﻤﺍﺮ ﻲﺘﻟﺍ ﻟﻢ ﻳﻄﺎﻬﻟﺎ‬           ‫ﺣﻴﻨ ٌﻦ ﻋﻈﻴﻢ ﺑﻴﻦ ﺃﺿﻲﻌﻠ ﻳﺸﺪﻧﻲ ﻨﻋﻮﺓ إﻬﻴﻟﻢ‪،‬‬
‫ﻟﺍﺰﻳﻒ‪ ..‬ﺃﻣﺎ ﺃﻧﺎ فلم ﺃب ِك ﺣﺎﻬﻨﻴ‪ ،‬ﻲﻨﻨﻜﻟﻭ ﺍلآن أﺭﺩك ُت‬
                                                      ‫وﻴﻟﺲ ﻟﺎﻨﻫﻚ ﻣﺎ ﻳﺆﻳﺪ ﺑﺎﻘﺋﻲ؛ ﻛﻞ الأشياء من حولي‬
         ‫جي ًدا ﺔﻤﻴﻗ ﺗﻠﻚ ﻟﺍﺪﻣﺕﺎﻌ ﻲﺘﻟﺍ سالت ﻣﻪﻨ‪.‬‬            ‫ترثي حالي و تهتف ﻟﻲ بأسى‪ :‬اﺭﺣﻞ‪ ،‬ارﺣﻞ‪.‬‬
      ‫ُترﻯ ﻫﻞ ﻳﺤﻦ أﻠﻲﻫ إل َّي ﻛﺎﻤ ﺃﺣﻦ ﺍلآن إﻬﻴﻟﻢ؟!‬
   ‫ﻛﻢ ﺃﺷﻕﺎﺘ ﻟﻤﻮﺍﺳﻢ ﺨﻟﺍﺮﻳﻒ ﻓﻲ ﺑﻱﺩﻼ ﻭ ﺃﺗﻮﻕ ﻟﻰﺇ‬
   ‫ﺔﻋﺍﺭﺯ ﻟﺍﺪﺧﻦ ﻓﻲ ﺍﺭﻷﺍﺿﻲ ﻟﺍﺮﻣﺔﻴﻠ‪ ،‬ﺃﺣﻦ ﻟﻄﻘﺲ‬
 ‫ﺃﺑﺮﻳﻞ ومايو ﺭﺎﺤﻟﺍ وﺃﺷﻕﺎﺘ ﻟﻤُﺔﺴﻟﺎﺠ ﻗﻮﻡ ﻤﻠﻋﻮﻧﻲ‬
 ‫ﺍلاﺣﻝﺎﻤﺘ ﺃﻭﺗﺎﺣﻮﺍ ﻟﻲ ﻟﻤﺍﺪﻯ ﻛﻴﻒ أﺣﻠﻖ ﻓﻲ ﺀﺎﻀﻔﻟﺍ‪،‬‬
      ‫آه كم ﺃود لو ﺃﺗﻊﻜﺴ ﻓﻲ ﺸﻟﺍﻮﻉﺭﺍ بلا هوادة‬
    ‫ﻭأﻃﻊﻟﺎ ﻟﺍﻮﺟﻮﻩ ﺑﺎﻨﺤﺴﺗﺎﻬ ﻲﺘﻟﺍ ﺗﻐﺮﺎﻬﻗ ﻟﺍﻄﺔﺒﻴ‪،‬‬
 ‫ﺃﺷﻕﺎﺘ ﻟﺮﺅﻳﺔ ﻛﺔﺒﻠ ﺗﺘﻔﺮﺵ ﻉﺭﺎﺸﻟﺍ ﺎﺠﻟﺍﻧﻲﺒ ﺗﻴﺤﻂ‬
   ‫ﺑﺎﻬ ﺟﺮﺍؤﺎﻫ و ﺗﺢﺒﻨ ﻓﻲ ﺎﻌﻟﺍﺑﺮﻳﻦ؛ ﺍلآﻥ ﻏﺭﺃﺐ ﻓﻲ‬
    ‫ﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﺃﻛﺮﻪﻫ‪ ،‬ﺗﻠﻚ ﻫﺎﺸﻟﻤﺍﺪ والصور ﻲﺘﻟﺍ‬
   ‫ﺃﺻﺎﺑﻲﻨﺘ ﺑﻟﺎﺬﻋﺮ ﻓﻲ يو ٍم ﻣﺎ ﺃﺻﺤﺒﺖ ﺃﺣﺎﻬﺒ ﺟﺪًّﺍ‬

                                          ‫ﺍلآﻥ‪.‬‬
  ‫ﻧﻀﻬﺖ ﻋﻦ ﻓﺮﺍﺷﻲ ﺑﻀﻐﺐ ﺷﺪﻳﺪ‪ ،‬يلفني صداع‬
 ‫يكاد يفجر رأسي‪ ،‬ﺷﺮﻋﺖ ﻓﻲ ﺗﺪﻣﻴﺮ ﺃﺛﺙﺎ ﻐﻟ ُﺍﺮﺔﻓ‪،‬‬
   ‫ﻛﺴﺮﺕ صورتي ﺔﻠﻴﻤﺠﻟﺍ ﻲﺘﻟﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻣُﺔﻘﻠﻌ ﻠﻰﻋ‬
  ‫ﺎﺤﻟﺍﺋﻂ‪ ،‬إنها صورة تخرجي من الجامعه‪ ،‬كانت‬
    ‫أجمل صورة لولد باسم‪ ،‬قبل أن يزيح الزمان‬
   ‫تلك الملاح و يبدد أجمل ابتسامة‪ ،‬ﻣﺰﻗﺖ ﻛُ ُﺘﻲﺒ‬
 ‫ﺍﺭﻭﺃﻭقي ثم صرخ ُت بجنون‪ ،‬ﻻ ﻻ‪ ..‬أخذ ُت أحطم‬
   ‫الأشياء في هستيريا صارخة‪ ،‬أعصابي ضاعت‬

     ‫وأنفاسي اللاهثة تزمجر بعنفوان‪ ،‬وﺓﺄﺠﻓ إذا‬
    ‫بي ٍد حانية تربت عليَّ وﺻﻮﺗ رخيم أعرفه جي ًدا‬
     ‫ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻲ‪( :‬يا ولد‪ ،‬انعل الشيطان و استيقظ‪..‬‬
   ‫تأخرت عن العمل)‪ ،‬وقف ْت أمي إلى جواري بعد‬
 ‫كلامها الأخير في اللحظة التي لم أصدق أنها هي‬
   ‫وأنني بين طيات منزلنا‪ .‬أخذت تتلو تعويذة لم‬
 ‫أستطيع سماع مفرداتها‪ ،‬لكنها هي ذات التعويذة‬
   ‫التي حولت حياتي كلها رأ ًسا على عقب‪ ..‬ﻘﻓﺃ ُﺖ‬
  ‫ﻣﻦ ﻧﻮمي ﺑﻌﺪ ﺣﻠﻢٍ ﺛﻴﻘﻞ ﻭ ﻛﺎﺑﻮﺱ ﻇﻞ ُيطاردني‬

                                   ‫وﻳﺘﺮﺻﺪﻧﻲ‪.‬‬
   104   105   106   107   108   109   110   111   112   113   114