Page 119 - merit 52
P. 119

‫نون النسوة ‪1 1 7‬‬                                      ‫للدرجة التي تجعل من هذه التفاصيل هد ًفا من‬

  ‫بأنها تشكيلات لأفعال الحركة‪ ،‬متعانقة مع أفعال‬                                       ‫أهداف السرد؟‬
      ‫القلب والوجدان‪ ،‬ولكن بالصورة التي تجعل‬
     ‫من هذه التشكيلات صورة «سيناريو» يصلح‬            ‫وللإجابة نعود إلى الفكرة المركزية التي تدور حولها‬

    ‫للتحولات التي تنبع من داخل الموقف الحكائي‪.‬‬           ‫الرواية ممثلة في عدد من العناصر البنائية التي‬

   ‫بين رمزية التفاصيل ومجازيتها‬                                                      ‫نوجزها كالآتي‪:‬‬

‫ما الذي يشير إليه العنوان «الشرفة”‪ ،‬وقد وصفت‬           ‫‪ -‬أن السرد في هذه الرواية يمكن أن يصنف بأنه‬
 ‫لنا الحكاية هذه الشرفة توصي ًفا ماد ًّيا يجعل منها‬
                                                                                     ‫متوالية سردية‪.‬‬
     ‫تكئة حكائية‪ ،‬وتقدم التصور الشكلي والدلالي‬
‫كأنه أداة من أدوات إدراك المعنى في النص الروائي‬      ‫‪ -‬التفاصيل في كثير من المواقف داخل النص‪ ،‬يمكن‬
                                                          ‫أن تقدم منظو ًرا سرد ًّيا مستق ًّل‪ ،‬ويمكن ربطه‬
    ‫المعاصر‪ ،‬وللشرفة رموز دلالية كثيرة يمكن أن‬                              ‫بالصورة الحكائية العامة‪.‬‬
   ‫تقدم لنا معنًى إجماليًّا للنص‪ ،‬والمقصود بالمعنى‬
  ‫الإجمالي ما يستطيع أن يخرج به المتلقي من ن ٍّص‬      ‫‪ -‬التحولات الحكائية الكثيرة تمثل صورة مرادفة‬
  ‫تتشابك فيه الأحداث والأقوال والحوارات بدرجة‬
   ‫تجعلنا أمام عالم من التفصيلات الحكائية حتى‬                                      ‫لصورة التفاصيل‪.‬‬
‫نتصورها أداة سلب داخل النص‪ ،‬لأن الرواية تخلو‬
 ‫من الأفعال الحكائية الكبرى‪ ،‬بل تخلو من المنظور‬      ‫‪ -‬السرد المباشر يقدم الدلالة في مستوى واحد من‬
 ‫السردي الموحد‪ ،‬ولذلك يجعلك الراوية‪ ،‬أو الراوية‬
                                                                                  ‫المستويات الحكائية‪.‬‬
              ‫تدرك أنك أمام تصور حكائي ظاهر‪.‬‬
                     ‫تقول الراوية في بيت العائلة‪:‬‬      ‫الحكاية تقدم في رواية (الشرفة) اعتما ًدا على عدد‬
                                                         ‫من المنظورات الحكائية‪ ،‬ويبلغ عددها في النص‬
  ‫“حين قرر جمال أن ننتقل من بيت العائلة إلى‬
    ‫شقتنا الجديدة لم أكن سعيدة‪ ،‬كنت مرتبط ًة‬         ‫ثلاثة وأربعون فص ًل حكائيًّا‪ ،‬تتراوح هذه الفصول‬
    ‫ببنات أخيه‪ ،‬شقتنا في القرية كانت غرفتين‪،‬‬             ‫الحكائية بين الطول والقصر‪ ،‬ويحمل كل فصل‬

‫واحدة منهم لم تخل أب ًدا من الضيوف؛ إما لبنات‬             ‫منها «عنوا ًنا»‪ ،‬أحيا ًنا يكون العنوان هو مفتاح‬
               ‫أخيه‪ ،‬أو بنات إخوتي وأولادهم‪.‬‬         ‫الدلالة في النص‪ ،‬وأحيا ًنا يكون مجرد تعبير إشارى‬
                  ‫‪ -‬لماذا تريد أن ننفصل عنهم؟‬
                                                         ‫بسمات حكائية‪ ،‬ويمكن أن يكون المنظور داخل‬
       ‫‪ -‬ليس انفصا ًل يا َهنا‪،‬‬
   ‫سنقضي ُهنا كل الإجازات‪،‬‬                             ‫الشكل الحكائي ‪-‬وأقصد فيما يلي العنوان‪ -‬نو ًعا‬
                                                     ‫من الحركة السردية التي تتجلى وفق تشكيل يشير‬
        ‫وكل نهايات الأسبوع‪.‬‬
    ‫أغرتني فكرة أن يكون لنا‬                                           ‫إلى العنوان بطريقة‪ ،‬أو بأخرى(‪.)1‬‬
    ‫بيت واسع‪ ،‬بمنطقة راقية‬                             ‫وفي الكثير من العناوين نجد الراوي يقدم صورة‬

      ‫وهادئة‪ ،‬فقبلت‪ .‬وخلال‬                               ‫مباشرة مكررة‪ ،‬ونجده في مواضع أخرى يقدم‬
      ‫أسبوعين كنا قد انتقلنا‬                              ‫تشكي ًل رمز ًّيا‪ ،‬أو مجاز ًّيا‪ ،‬فنجد الراوي يقدم‬
   ‫من بيت العائلة الذي أح ُّبه‬                                         ‫عنوا ًنا كالآتي‪« :‬في بيت الدكتور‬
     ‫إلى شقتنا الجديدة‪ ،‬كانت‬                                              ‫نبيل»‪ ،‬وأحيا ًنا «فاطمة» فيما‬
   ‫مدخراتنا كافية‪ ،‬فاستطعنا‬                                             ‫لا يزيد عن صفحتين‪ ،‬وأحيا ًنا‬
     ‫تأثيثها بجمال وأناقة‪ .‬لم‬                                               ‫نجدها تقدم «متاهة اسمها‬
 ‫يستخدم جمال كلمة بيتنا أو‬
                                                                             ‫الحياة» وأحيا ًنا «في مقام‬
                                                                             ‫الهوى»‪ ،‬وبين هذه الكتل‬

                                                                            ‫المعنوية نجد الراوية تقدم‬
                                                                            ‫لنا شك ًل حكائيًّا يتمثل في‬
                                                                         ‫بساطة المعنى من ناحية‪ ،‬وفي‬

                                                                         ‫الوقت نفسه حلقة من حلقات‬

                                                                         ‫المتتالية السردية‪ ،‬والتي تميل‬

                                                                        ‫التشكيلات الحكائية في السرد‬
   114   115   116   117   118   119   120   121   122   123   124