Page 122 - merit 52
P. 122

‫النص يخلو تما ًما من إحداثي ْين‬
                                                         ‫مه َّم ْين في الكتابة السردية‬
                                                                ‫المعاصرة‪ ،‬وهما الزمان‬
                                                         ‫والمكان‪ ،‬الزمان محايد تما ًما‬
                                                         ‫في النص‪ ،‬وتنبع حياديته من‬
                                                          ‫التفاصيل الكثيرة التي تصلح‬
                                                            ‫أن تكون في أي زمان‪ ،‬كما‬
                                                          ‫أن الرواية حيدت المكان في‬

                                                      ‫البداية‪ ،‬إلا إذا أردنا أن نقف على‬
                                                       ‫المكان باعتباره دلالة رمزية‪ ،‬أو‬
                                                      ‫صورة داخل الحكاية‪ ،‬فهو بهذا‬

                                                         ‫الشكل موجود‪ ‬بصورة‪ ‬لافتة‪..‬‬

    ‫ما يميز السرد في هذه الرواية أن الحيادية التي‬        ‫السيطرة على الحريق وإخماده‪ ،‬وهم يهللون‬
  ‫يتعامل بها مع الموضوعات‪ ،‬أو مع أدوات التفكير‬        ‫ويكبرون أنه لا خسائر في الأرواح‪ ،‬وك ُّل ما دون‬

     ‫السردي‪ ،‬وصلت إلى تصور الراوي‪ /‬الراوية‪،‬‬               ‫ذلك بسيط‪ .‬فيبادر أحد الجيران بفتح كيس‬
   ‫فالرواية لا تقدم حكاية بالمعنى التقليدي‪ ،‬ولكنها‬         ‫بلاستيك ٍّي‪ ،‬ووضع فيه بعض المال كإشارة‬
  ‫ظلال حكائية لأفعال ومواقف يمكن وصفها بأنها‬              ‫تح ُّث الحاضرين على المساعدة والمشاركة في‬
‫أفعال «بدنية” وليست أفعا ًل “حدثيَّة»‪ ،‬فهي تنتسب‬           ‫جمع ما يمكننا من إعادة فتح الدكان ودعم‬
   ‫إلى التفكير الحكائي الذي يرتبط ببعضه ارتبا ًطا‬       ‫الجار‪ .‬في بضع دقائق امتلأ الكيس عن آخره‪،‬‬
    ‫قو ًّيا‪ ،‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬تقدم المتوالية السردية‪،‬‬      ‫حتى الأطفال كانوا يأتون بالعملات الفضية‬
   ‫وكأنها أحيا ًنا مستقلة عن بقية المتواليات‪ ،‬وليس‬
 ‫أدل على ذلك من أن المتلقي يمكنه التصرف في هذه‬                                 ‫ويضعونها في الكيس‪.‬‬
   ‫المتواليات تص ُّر ًفا موضوعيًّا‪ ،‬بمعنى أنه لا ضير‬         ‫في المساء كانت الخطوات الأولى في البناء‬
 ‫على الإطلاق من تقديم فصل حكائي وتأخير آخر‪،‬‬                ‫قد بدأت‪ .‬بعض النساء يحملن ِجرار المياه‪،‬‬
 ‫أو على سبيل التمثيل‪ ،‬حذف أحد هذه الفصول من‬              ‫والبعض ُي ِع ُّد الطعام‪ ،‬وأخريات لعمل الشاي‬
‫مكانها في المتوالية السردية‪ ،‬في هذه الحالة لن يتأثر‬        ‫والمشروبات للب َّنائين المتطوعين‪ ،‬والشباب‬
                                                            ‫يعملون جمي ًعا على قدم وساق‪ ،‬في تعاون‬
                       ‫هذا التوالي على مستويين‪:‬‬            ‫وتفاهم وتقسيم للمهام‪ ..‬خمسة أيام وكان‬
        ‫المستوى الأول‪ :‬تشكيلات الزمان والمكان‬         ‫الدكان قد قام ثانية أفضل وأجمل مما كان عليه‬
                                                          ‫قبل الحريق‪ .‬هنا في مصر تستطيع أن ترى‬
                                    ‫السرديين‪.‬‬             ‫ق ًرى كاملة كل من فيها جيران وأهل‪ ،‬أقارب‬
  ‫المستوى الثاني‪ :‬خط سير الأحداث‪ ،‬أو الأفعال‬
                                                                                         ‫وأحباب”(‪.)4‬‬
                                 ‫قصيرة المدى‪.‬‬
   117   118   119   120   121   122   123   124   125   126   127