Page 152 - merit 52
P. 152

‫العـدد ‪52‬‬                          ‫‪150‬‬

                                   ‫أبريل ‪٢٠٢3‬‬

   ‫ازدادت بعد غزوتي بدر وأحد‪،‬‬        ‫وتنافسا على الرئاسة‪ ،‬واحتكما‬      ‫الشخصية التي كان لها أثر كبير‬
‫فقد كان لمعاوية ثأر عند المسلمين‪،‬‬  ‫إلى الكهان كعادتهم على أن يكون‬        ‫وليس بالهين في تشكل العقلية‬
                                   ‫للغالب إجلاء المغلوب عن مكة ‪10‬‬
   ‫حيث ُقتل أخوه حنظلة ابن أبي‬     ‫سنوات‪ ،‬فقضى المحكمون لهاشم‬         ‫الإسلامية على مر العصور‪ ،‬سواء‬
    ‫سفيان وخاله الوليد ابن عتبة‬    ‫على أمية‪ ،‬وخرج هاشم إلى الشام‬           ‫بالسلب أو بالإيجاب من كلا‬
  ‫وجده عتبة بن ربيعة وعقبة ابن‬                                                               ‫الطرفين‪.‬‬
   ‫أبي معيط في بدر وأحد‪ ،‬على يد‬             ‫فاختارها مقا ًما له»(‪.)2‬‬
   ‫الأمام علي وغيره من أهل بدر‪،‬‬    ‫اشترك معاوية مثل بقية صبيان‬         ‫حلم بني أمية المؤجل‬

      ‫حتى آل الأمر في النهاية إلى‬     ‫كفار قريش في هجاء الرسول‬               ‫تمثل شخصية معاوية على‬
 ‫إسلامه مع والديه كرها بعد فتح‬       ‫والتعرض له‪ ،‬فعبر عن كراهية‬       ‫المستوى الواقعي‪ ،‬دون النظر إليها‬
 ‫مكة‪ ،‬وأطلق عليه الرسول مع من‬
                                       ‫بني هاشم جمي ًعا والرسول‬         ‫من منظور مذهبي‪ ،‬قائ ًدا محن ًكا‬
   ‫أسلموا بعد الفتح اسم الطلقاء‪،‬‬    ‫خاصة‪ ،‬ويبدو أن حدة الكراهية‬          ‫على غرار قواد العصر الحديث‬
                                                                          ‫ذا طموحات وأحلام سلطوية‪،‬‬
‫سيدة الجنة‬
                                                                           ‫وأقربهم إلى الأذهان نابليون‬
                                                                                            ‫بونابرت‪.‬‬

                                                                           ‫فقد تربي منذ صغره على أن‬
                                                                            ‫يكون قائ ًدا‪ُ ،‬يتبع لا متبو ًعا‪،‬‬
                                                                         ‫آم ًرا لا مأمو ًرا‪ ،‬وبنظرة متأنية‬
                                                                       ‫توضح لنا مرويات التاريخ كيف‬
                                                                        ‫نشأ معاوية وأين استقى أفكاره‬
                                                                       ‫وأحلامه في أن يكون قائ ًدا عظي ًما‬
                                                                          ‫وكما يشير العقاد «لن نعرف‬
                                                                          ‫تاريخ معاوية ولا تاريخ غيره‬
                                                                          ‫إذا أخذنا بظواهر الأقوال‪ ،‬ولم‬
                                                                        ‫ننقب وراءها عن بواطن الأهواء‬

                                                                                  ‫والبواعث الخفية»(‪.)1‬‬
                                                                        ‫تشير لنا المرويات التاريخية أن‬
                                                                          ‫معاوية ولد قبل بعثة الرسول‬
                                                                          ‫بخمس سنوات لأب من سادة‬
                                                                        ‫قريش هو أبو سفيان ابن حرب‪،‬‬
                                                                      ‫وأمه هي هند بنت عتبة‪ ،‬والصراع‬
                                                                       ‫بين بنى هاشم وبنى أمية لم يكن‬
                                                                         ‫وليد بعثة النبي‪ ،‬بل إنه صراع‬

                                                                          ‫قديم تغذي واشتعل بعد بعثة‬
                                                                      ‫الرسول‪ ،‬والدليل على ذلك ما أشار‬

                                                                           ‫إليه العقاد أن «ما اتفقت عليه‬
                                                                        ‫الأخبار التاريخية أن هناك سببًا‬
                                                                        ‫لهجرة أمية لمكة وإقامته بالشام‬
                                                                       ‫‪ 10‬سنوات‪ ،‬إذ تنافر هاشم وأمية‬
   147   148   149   150   151   152   153   154   155   156   157