Page 155 - merit 52
P. 155
153 تجديد الخطاب
أن غلبة معاوية على عليًّ كانت حتى راحوا يتأولون الأحاديث
لأسباب أكبر من الرجلين :كانت
غلبة جيل على جيل ،وعصر على الواردة عن الرسول في ذم معاوية
عصر واتجاه على اتجاه ،كان م ُّد
الروح الإسلامي العالي قد أخذ مثل حديث «لا أشبع الله بطنه»،
ينحسر وأرت َّد كثيرون من العرب
وحديث «الخلافة ثلاثون عا ًما
إلى المنحدر الذي رفعهم منه ثم مل ًكا عضو ًضا» ،وحديث أول
الإسلام ،بينما بقي عل ٌّي في القمة
لا يتبع هذا الانحسار ولا يرضى من يبدل سنتي رجل من بني
بأن يجرفه التيار ،من هنا كانت
هزيمته وهي هزيمة أشرف من أمية ،وقد صحح هذا الحديث
كل انتصار(.)5 شيخ السلفية المحدث ناصر الدين
في الختام يمكن أن نقول إن
معاوية أول مؤسس للديكتاتورية الألباني ،كما تم الهجوم على
المستبدة في الإسلام ،ولا أفضل ألَّف كتا ًبا
لنا في الختام مما قاله هو بنفسه يؤلف شيئًا لأنه الإمام النسائي
وعلى لسانه ،وقد أوردنا جز ًءا ولم في فضائل عليٍّ،
منه في سياق المقال ونورده هنا
كام ًل «يا أهل العراق ،أتراني في معاوية ،فقال روايته الشهيرة
قاتلتكم على الصلاة والزكاة
والحج ،وقد علمت أنكم تصلون ياسر الحبيب «ما أعرف له فضيلة قط» ،ومن
وتزكون وتصومون وتحجون،
لكني قاتلتكم لأتأمر عليكم وعلى بالتصرف النافع في الظرف قبلهم ابن تيمية الذي خصص
رقابكم وقد آتاني الله ذلك ،وأنتم المناسب ،ولكن لأنهما طليقان
كارهون ،ألا إن كل مال أو دم في استخدام كل سلاح ،وهو جز ًءا كبي ًرا من كتابه منهاج السنة
أصيب في هذ الفتنة فمطلول، مقيد بأخلاقه في اختيار وسائل في الدفاع عن معاوية وأصحابه
وكل شرط شرطته فتحت قدمي الصراع ،وحين يركن معاوية
وزميلة عمرو إلى الكذب والغش عمرو بن العاص والمغيرة بن
هاتين»()6 والخديعة والنفاق والرشوة
وشراء الذمم ،لا يمك عليًّا أن شعبة ،ومع ذلك تراهم يضربون
يتدلى إلى هذا الدرك الأسفل .فلا
عجب أن ينجحا ويفشل ،وأنه بكل النصوص التي وردت في
لفشل أشرف من كل نحاج ،على
تغيير نظام الحكم وتحوله إلى ملك
عضوض ،حيث يعتبرون معاوية
خليفة وحك ًما عاد ًل رغم أنف
الواقع ورغم كل النصوص التي
يصححونها ويتأولونها ،فابن
تيمية يقول في سيرته عن معاوية:
«وكانت سيرة معاوية مع رعيته
من خيار سير الولاة ،وكان رعيته
يحبونه ،وقد ثبت في الصحيح عن
الهوامش: النبي أنه قال :خيار أئمتكم الذين
تحبونهم ويحبونكم وتصلون
-1عباس العقاد ،معاوية في الميزان، عليهم ويصلون عليكم» ،وفي
دار الهلال ،مصر ،ص.18
-2المرجع نفسه ،ص.31 موضع آخر يقول« :فلم يكن من
-3انظر المسعودي والعقد الفريد ملوك المسلمين خير من معاوية».
لابن عبد ربه.
ومن غريب الأمر أن سيد قطب
-4ابن حبان ،روضة العقلاء ونزهة
الفضلاء. المتشدد في آرائه كان أكثر واقعية
-5انظر سيد قطب ،كتب وإنصا ًفا في قراءة أحداث التاريخ
وشخصيات.
حيث قال« :إن معاوية وزميله
-6الكامل في التاريخ لابن الأثير.
عم ًرا لم يغلبا عليًّا لأنهما أعرف
منه بدخائل النفوس وأخبر منه