Page 160 - merit 52
P. 160

‫العـدد ‪52‬‬                            ‫‪158‬‬

                               ‫أبريل ‪٢٠٢3‬‬                        ‫وطنية أو إقليمية مستقلة‬
                                                               ‫تما ًما عن تورطها التاريخي‬
‫والنظرية ما بعد الكولونيالية‪،‬‬  ‫مضادة‪ ،‬غير متجانسة؛ وهي‬
    ‫على أنها جزء من ما بعد‬      ‫تقدم «حقول» (‪Lee 1977:‬‬           ‫في المشروع الاستعماري‪،‬‬
                                                                     ‫فقد اضطلع مشروع‬
  ‫الحداثة وما بعد البنيوية)‪.‬‬        ‫‪ )127‬من استراتيجيات‬
  ‫لكن النماذج المنفصلة التي‬      ‫الخطاب المضاد ‪counter-‬‬         ‫الكتابة ما بعد الكولونيالية‬
   ‫يمثلها «أدب إلكو من ِولث»‬    ‫‪ discours‬للخطاب المهيمن‪.‬‬        ‫بمهمة استنطاق الخطابات‬
  ‫‪Cmmonwealth Litera-‬‬             ‫ويشير الخطاب المضاد ما‬        ‫الأوروبية واستراتيجياتها‬
    ‫‪ ture‬أو «الكتابة الجديدة‬     ‫بعد الكولونيالي (تيرديمان‬
   ‫الإنجليزية» التي تستدعي‬                                          ‫من موقع متميز داخل‬
   ‫ضمنيًّا أو صراحة مفاهيم‬        ‫‪ )2()1985 Terdiman‬إلى‬          ‫(وبين) عالمين‪ ،‬ومساءلة‬
   ‫استمرار الأدب البريطاني‬      ‫عملية دينامية‪ ،‬غير ثابتة‪ ،‬لا‬     ‫الأدوات التي فرضت بها‬
  ‫«السائد» المتحدرة منه‪ ،‬عن‬     ‫تسعى إلى تقويض الخطاب‬
    ‫وعي أو بغير وعي‪ ،‬تعيد‬                                           ‫أوروبا شفراته ا �‪co‬‬
 ‫فرض وترسيخ الافتراضات‬             ‫المهيمن من أجل أن تحل‬           ‫‪( des‬أنظمتها الدلالية)‬
‫المهيمنة التي يعارضها النص‬          ‫محله‪ ،‬ولكن كما أوضح‬        ‫وحافظت عليها في السيطرة‬
  ‫ما بعد الكولونيالي‪ ،‬ويعمل‬       ‫ويلسون هاريس ‪Wilson‬‬          ‫الاستعمارية على جزء كبير‬
   ‫على تقويضها منذ البداية‪.‬‬    ‫‪ Harris‬لتطوير استراتيجيات‬
   ‫إن هذه النماذج التي تؤكد‬     ‫نصية «تستهلك» باستمرار‬                    ‫من بقية العالم‪.‬‬
‫على اللغة المشتركة والظروف‬     ‫«تحيزاتها الخاصة» (هاريس‬          ‫وبالتالي‪ ،‬فإن إعادة قراءة‬
    ‫المشتركة للاستعمار (مع‬     ‫‪ )127 :1985‬في الوقت نفسه‬          ‫‪ rereading‬وإعادة كتابة‬
                                  ‫الذي تكشف فيه ادعاءات‬       ‫‪ rewriting‬السجل التاريخي‬
      ‫الاعتراف بالاختلافات‬       ‫الخطاب المهيمن وتقوضها‪.‬‬      ‫والتخييلي الأوروبي تشكلان‬
     ‫الشاسعة في التعبير عن‬          ‫يستخدم الكتاب والنقاد‬        ‫مهمتين حيويتين‪ ،‬لا مفر‬
   ‫الإمبريالية البريطانية من‬                                      ‫منهما‪ .‬إن هذه المناورات‬
      ‫مكان إلى آخر)‪ ،‬تسمح‬             ‫ما بعد الكولونياليون‬    ‫التقويضية التي تتجاوز بناء‬
      ‫باستراتيجيات خطابية‬      ‫استراتيجية الخطاب المضاد‪،‬‬        ‫أو إعادة بناء هوية وطنية‬
  ‫مضادة؛ لكنها تظل عرض ًة‬                                        ‫أو إقليمية جوهرانية‪ ،‬هي‬
                                     ‫من أجل تحدي مفهوم‬          ‫ما يميز النصوص ما بعد‬
                                 ‫عالمية الأدب (أو الاستيلاء‬    ‫الكولونيالية‪ ،‬لأن التقويض‬

                                    ‫الأوروبي على الممارسة‬                     ‫يمثل سمة‬
                                                                                  ‫مميزة‬

                                                                                ‫للخطاب‬
                                                                                  ‫ما بعد‬
                                                                              ‫الكولونيالي‬
                                                                            ‫بصفة عامة‪.‬‬
                                                                           ‫وهكذا تشكلت‬
                                                                                ‫الآداب‪/‬‬
                                                                                ‫الثقافات‬
                                                                                  ‫ما بعد‬
                                                                             ‫الكولونيالية‬
                                                                            ‫في ممارسات‬
                                                                                 ‫خطابية‬
   155   156   157   158   159   160   161   162   163   164   165