Page 164 - merit 52
P. 164

‫العـدد ‪52‬‬                            ‫‪162‬‬

                                                  ‫أبريل ‪٢٠٢3‬‬                         ‫كروزو جز ًءا من عملية‬
                                                                                ‫«تثبيت» العلاقات بين أوروبا‬
‫تطبيعها‪ ،‬كما لو كانت حقائق‬       ‫النص المعتمد في الأطراف‬                        ‫و»الآخرين»‪ ،‬وتأسيس أنماط‬
   ‫بديهية وطبيعية‪« ،‬عالمية»‪،‬‬     ‫الاستعمارية تصبح أي ًضا‬
      ‫بدون تحيزات ثقافية‪.‬‬                                                            ‫لقراءة الغيرية ‪alterity‬‬
    ‫وبالتالي‪ ،‬في استراتيجية‬        ‫جز ًءا مه ًّما من الممارسة‬                       ‫(الآخر)؛ وباستثمار هذه‬
                                ‫الإمبريالية المادية‪ ،‬لأنه من‬                    ‫العملية عملت على تثبيت هذه‬
 ‫الرد بالكتابة‪ ،‬ينازع كل من‬    ‫خلال اعتماده في المؤسسات‬                          ‫الغيرية‪ ،‬وتطبي ع �‪naturali‬‬
   ‫الكاتب سيلفون وكويرتز‬                                                        ‫‪ sing‬الاختلاف داخل نسقها‬
                                   ‫التعليمية والنقدية‪ ،‬فإنه‬                         ‫المعرفي الخا ص �‪cogni‬‬
‫الحقل الخطابي المعقد المحيط‬      ‫ُي ْع َرض باستمرار‪ ،‬ويكرر‬                         ‫‪ .tive‬لكن وظيفة مثل هذا‬
  ‫برواية روبنصون كروزو‪،‬‬       ‫الذات المستع َم َرة ‪colonised‬‬
      ‫ويفتحان آفا ًقا جديدة‬
                                   ‫والاستيلاء الأصلي على‬
                              ‫«الغيرية» وعملية تهميشها أو‬

                                                                                ‫الهوامش‪:‬‬

‫‪1- Helen Tiffin, Post-Colonial Literatures and Counter- discours, in The Post – Colonial‬‬
‫‪Studies Reader , Edited by Bill Ashcroft and Gareth Griffiths and Helen Tiffin (London and‬‬
‫‪New York: Routledge, 1999), pp95-98.‬‬
‫‪ -1‬في كتاب (الخطاب‪ /‬الخطاب المضاد‪ :‬نظرية وممارسة الثورة الرمزية في فرنسا في القرن التاسع عشر»‬
‫(منشورات جامعة كورنيل ‪ ،1985 ،Cornell‬إيتاكا ولندن) ينظر ريتشارد تيرديمان لإمكانات وحدود الخطاب‬
   ‫تحديد‬  ‫إلى أن الخطابات المضادة تتميز بقوة‬      ‫المواهيسمتيقنر‪،‬ارمنشظيا ًرما‬  ‫في الثورة الأدبية في مواجهة الخطاب‬  ‫المضاد‬
‫أن يعترف‬  ‫الخطابات المهيمنة‪ ،‬الذي لا يمكن أب ًدا‬                                ‫إنها تضفي الطابع النسبي على سلطة‬    ‫الموقع‪:‬‬
‫بوجودها‪ .‬لكن ريتشارد يع ُّد الخطابات المضادة غير قادرة في نهاية المطاف على إحداث ثورة حقيقية‪ ،‬لأنها‬
‫محكوم عليها بالبقاء هامشية في نظام الخطاب المهيمن‪ .‬وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬فإن الوضع ما بعد الكولونيالي‬
                                                  ‫يختلف إلى حد ما عن الذي صاغ فيه ريتشارد نموذجه‪.‬‬
                              ‫• يقصد قراءة شكلانية معزولة عن سياقها التاريخي‪( .‬المترجم)‬
‫•• رواية بحر ساركاسو الواسع كتبتها الروائية جين ريس من الدومنيك في تناص ما بعد كولونيالي مع رواية‬
‫«جين إير» (‪ )1847‬للروائية البريطانية تشارلوت برونتي؛ وهي عمل معتمد من كلاسيكيات الأدب البريطاني‪.‬‬
                                                                                ‫وقد صدرت ترجمة عربية لهذه الرواية‪:‬‬
‫جين ريس‪ ،‬بحر ساركاسو الواسع‪ ،‬ترجمة فلاح رجيم‪ ،‬دار أثر للنشر والتوزيع‪ ،‬المملكة العربية السعودية‪،‬‬
                                                                                ‫ط‪.2016 ،1‬‬
‫تلتقط ريس من رواية «جين إير» شخصية برثا ميسون الكريولية (الخلاسية) زوجة بطل رواية برونتي‬
‫البايروني الساحر روتشستر‪ ،‬التي عاد بها من الكاريبي وسجنها لجنونها في الطابق العلوي مهمشة‪ .‬قررت‬
‫ريس أن تثأر لهذه الشخصية المهمشة وتكتب سيرتها من منظور ما بعد كولونيالي‪ .‬وهذا التناص الثقافي ما‬
‫بعد الكولونيالي هو ما يصطلح على تسميته «الرد بالكتابة» على المعتمد الغربي الاستعماري في النظرية ما بعد‬
                                      ‫الكولونيالية‪ ،‬ويشكل سمة جوهرية للخطاب المضاد‪( .‬المترجم)‬
‫••• يحيل مفهوم «الغيرية» هنا على الشعوب والثقافات غير الأوروبية‪ ،‬والتي أعادت الثقافة الغربية المركزية‬
‫بناء خصائصها انطلا ًقا من رؤية عرقية متمركزة على الذات‪ ،‬فقامت بتثبيتها في صور نمطية وتمثيلات‬
‫مشوهة‪ ،‬جردتها من ذاتيتها؛ وهي العملية الخطابية التي كشف إدوارد سعيد مرجعياتها الاستعمارية والعرقية‬
                                                               ‫والسياسية في كتابه «الاستشراق»‪( .‬المترجم)‪.‬‬
‫‪ -2‬يستخدم ميشيل بيشو مصطلح «فك التماهي» ليشير إلى تحول أو إزاحة تطال موقع الذات التي تستدعيها‬
                                                                                ‫الإيديولوجيا‪.‬‬
   159   160   161   162   163   164   165   166   167   168   169