Page 166 - merit 52
P. 166

‫العـدد ‪52‬‬                             ‫‪164‬‬

                                ‫أبريل ‪٢٠٢3‬‬                        ‫الكمان‪ .‬حاول أن يعلمني‪،‬‬
                                                               ‫لكن يدي خذلتنى ولم تعزف‬
  ‫وهو يتحرك إلى آخرالمحل‪،‬‬        ‫في الحافلة مع الرجل مررنا‬
‫يخرج الكمان من الحقيبة‪ ،‬ثم‬      ‫بالمنزل حيث مات أبي‪ ،‬أشعر‬               ‫أب ًدا بشكل صحيح‪.‬‬
                                                                   ‫بعد رؤية الرجل كل يوم‬
                    ‫يجلس‪.‬‬             ‫بالحكة في يدي‪ ،‬أهرش‬      ‫لعدة أسابيع‪ ،‬أجد صعوبة في‬
     ‫بعد العشاء يقول طبيب‬        ‫وأهرش مع ذلك لا تتوقفان‬       ‫تذكر شكل والدي الآن‪ ،‬ليس‬
‫الأسنان‪ :‬حان الوقت لتنظيف‬       ‫عن الحك‪ ،‬أنا متأكدة أن هناك‬       ‫لدي صور له‪ ،‬لكنني أحلم‬
  ‫أسنانك بالخيط‪ ،،‬استلقيت‬        ‫خطأ ما فيهما‪ ،‬لكن لا شيء‬      ‫به كثي ًرا‪ ،‬عندما أحلم به أرى‬
 ‫على كرسيه وهو يلف خي ًطا‬        ‫هناك‪ .‬نظرت إلى أعلى ورأيت‬
‫حول إصبعين‪ ،‬أسمع صوت‬                                                  ‫وجه الرجل بد ًل منه‪.‬‬
    ‫طقطقة البلاستيك‪ ،‬أشعر‬           ‫حقيبة كمان الرجل تتكئ‬         ‫أحلم أنني ألعب الورق مع‬
     ‫بارتفاع الضغط‪ ،‬عندما‬         ‫على النافذة‪ ،‬يبدو أنها تحلم‬     ‫الرجل‪ ،‬إنه يفوز‪ ،‬لدي كل‬
 ‫يسحب الخيط يكون مشب ًعا‬                                        ‫البطاقات الصحيحة‪ ،‬وألعب‬
                                                 ‫بشيء ما‪.‬‬
                     ‫بالدم‪.‬‬        ‫يطلب مني طبيب الأسنان‬                   ‫كل واحدة بدقة‪.‬‬
      ‫عندما مات أبي انكسر‬           ‫أن أتعشى معه‪ ،‬يقول أنه‬          ‫يقول طبيب الأسنان إن‬
   ‫القوس وقطع يده اليمني‪.‬‬        ‫سيعطيني كش ًفا مجانيًّا لمدة‬     ‫أسناني عجيبة‪ ،‬يقول إنها‬
    ‫أتصل بأختي‪ ،‬أقول ماذا‬        ‫ستة أشهر إذا قبلت دعوته‪.‬‬         ‫جميلة ج ًّدا لدرجة أنني لا‬
   ‫تتذكرين عن يديه؟ تقول‪:‬‬           ‫لطالما قال أبي أن التيبس‬
   ‫هل تناولت أدويتك ومتى‬        ‫الذى في يده علامة على القوة‪،‬‬                     ‫أستحقها‪.‬‬
 ‫كانت آخر مرة تحدثت فيها‬        ‫قال إن الأجزاء الصلبة غطت‬       ‫كان لدى أبي أسنان مخيفة‪،‬‬
   ‫إلى طبيب؟» أقول‪« :‬يداه‪..‬‬        ‫الأجزاء الضعيفة وهذا ما‬
  ‫هل تتذكرينهما؟»‪ ،‬تقول‪ :‬لا‬                                       ‫ذلك واحد من الاختلافات‬
     ‫أعرف ما الذي تتحدثين‬                       ‫منحه القوة‪.‬‬        ‫التي أعرفها بينى وبينه‪.‬‬
     ‫عنه؟»‪ .‬هناك شخص ما‬              ‫أحرص على رؤية رأس‬          ‫ذات يوم رأيت الرجل يركب‬
                                  ‫الرجل من آخر الحافلة‪ ،‬كل‬         ‫الحافلة‪ ،‬أنا أي ًضا ركبت‪،‬‬
        ‫في الخلفية‪ ،‬لا أعرف‬     ‫ما أمكنني رؤيته العنق الأنيق‬     ‫إنه طريق لم أستخدمه أب ًدا‬
         ‫إذا ما كانت تتحدث‬         ‫لحقيبة الكمان‪ ،‬لا أستطيع‬        ‫من قبل‪ ،‬تساءلت إلى أين‬
         ‫إليه أم تتحدث إل َّي‪.‬‬     ‫رؤية المشابك المعدنية ولا‬     ‫ستأخذني الحافلة‪ ،‬أريد أن‬
                                    ‫أستطيع أن أرى مقبضها‬          ‫أجلس بجوار الرجل‪ ،‬لكنه‬
            ‫عبر نافذة متجر‬         ‫ولكنني أتخيل الرجل وهو‬      ‫يضع كما ًنا في المقعد المجاور‬
             ‫الموسيقى‪ ،‬أرى‬                                          ‫له‪ ،‬فأضطر للجلوس في‬
                                           ‫يلف يديه حولها‪.‬‬
                                  ‫أتصل بأختي‪ ،‬الهاتف يرن‬                   ‫مؤخرة الحافلة‪.‬‬
                                                                ‫مكان واحد لم أر فيه الرجل‬
                                                     ‫ويرن‪.‬‬     ‫أب ًدا هو عيادة طبيب الأسنان‪،‬‬
                                     ‫يطلب لي طبيب الأسنان‬        ‫أود أن أراه هناك‪ ،‬وأتساءل‬
                                   ‫العشاء‪ ،‬دجا ًجا ومكرونة‪،‬‬
                                      ‫أطلب كأ ًسا من النبيذ‪،‬‬       ‫عما إذا كانت لديه أسنان‬
                                   ‫لكنه يقول إن النبيذ مضر‬                          ‫جيدة‪.‬‬
                                  ‫بأسناني‪ ،‬أشرب الماء فقط‪،‬‬
                                                                  ‫مات أبي بينما كان يعزف‬
                                           ‫ولا توجد حلوى‪.‬‬        ‫على الكمان‪ ،‬في لحظة كانت‬
                                     ‫ينزل الرجل من الحافلة‬        ‫الموسيقى تملأ المنزل‪ ،‬وفي‬
                                 ‫فأتبعه‪ ،‬يمشي داخ ًل متج ًرا‬
                                  ‫للموسيقى‪ ،‬أقف في الخارج‬          ‫اللحظة التالية‪ ،‬تحطم‪ ،‬ثم‬
                                  ‫وأراقب عبر النافذة الرجل‬                     ‫صمت تام‪.‬‬
   161   162   163   164   165   166   167   168   169   170   171