Page 161 - merit 52
P. 161

‫حول العالم ‪1 5 9‬‬

      ‫ممارسات للقراءة غير‬                   ‫جوزيف كونراد‬        ‫لأن تتحول إلى استراتيجيات‬
  ‫متموضعة(*) ‪unsituated‬؛‬                                           ‫استعمارية بدورها‪ ،‬إذا لم‬
                                     ‫لخطاب «أسترالي» مهيمن‪،‬‬
     ‫بالمقابل يكمن الخطر في‬            ‫وتتجاوزه إلى معارضة‬       ‫تشدد في عملها على مجالات‬
     ‫النموذج الثاني في إعادة‬                                      ‫الفاعلية ‪ activity‬الخطابية‬
 ‫تقديم شكل خفي من النزعة‬            ‫خطاب سلفه الأوروبي‪ .‬إن‬         ‫المضادة‪ .‬وقد رفض النقاد‬
 ‫الجوهرانية ‪.essentialism‬‬          ‫هذا النموذج المعقد هو الذي‬      ‫والكتاب الأفارقة على وجه‬
‫ومن أجل تجنب هذه الثغرات‬
  ‫المحتملة‪ ،‬أريد التوليف بين‬         ‫أرغب في استكشافه لاح ًقا‬        ‫الخصوص هذه النماذج‬
  ‫هذين النموذجين‪ ،‬لصياغة‬                ‫عند تناول رواية العدو‬       ‫بسبب أسسها الاحتوائية‬
      ‫نموذج شامل في قراءة‬                                        ‫الجديدة‪ ،‬واختاروا بد ًل منها‬
   ‫نصين من خلال التشديد‬              ‫‪ Foe‬للكاتب كويرتز ‪J.M.‬‬       ‫النماذج الوطنية أو القومية‬
‫على الاستراتيجيات الخطابية‬           ‫‪ Coertzee‬الذي يبحث في‬
    ‫المضادة التي تقدم أنما ًطا‬       ‫مشكلة الأدب الاستيطاني‬                       ‫الأفريقية‪.‬‬
  ‫من ممارسة القراءة ما بعد‬         ‫الجنوب أفريقي‪ ،‬فيما يتعلق‬      ‫ولكن إذا كان الدافع الذي‬
  ‫الكولونيالية أكثر شمولية‪.‬‬                                     ‫ُي َح ِّفز الكثير من الأدب ما بعد‬
    ‫إن هذه الممارسات تكون‬              ‫بالقمع المستمر من قبل‬    ‫الكولونيالي ُينظر إليه على أنه‬
‫متموضعة سياسيًّا‪ ،‬في مواقع‬            ‫البيض للأغلبية السوداء‪.‬‬   ‫ممارسة خطابية مضادة على‬
 ‫الإنتاج والاستهلاك المرتبطة‬                                    ‫نطاق واسع‪ ،‬مع تسليمنا بأن‬
  ‫بشكل وثيق بإنتاج المعنى‪.‬‬             ‫يمكن على الأقل صياغة‬       ‫الاستراتيجيات الناتجة عنه‬
     ‫ويحظى موقع التواصل‬           ‫نموذجين (لا يستبعد أحدهما‬     ‫يمكن أن تتخذ أشكا ًل متعددة‬
   ‫بأهمية قصوى في الكتابة‬         ‫الآخر بالضرورة) للدراسات‬        ‫في ثقافات مختلفة‪ ،‬أتصور‬
 ‫ما بعد الكولونيالية‪ ،‬ويشكل‬                                     ‫أننا نملك نموذ ًجا أكثر فعالية‬
  ‫محد ًدا حاس ًما في تعريفها‪.‬‬           ‫ما بعد الكولونيالية في‬
‫ضمن الحقل الواسع للخطاب‬               ‫المستقبل‪ .‬الأول‪ ،‬يرى أن‬         ‫من النموذج القومي أو‬
    ‫المضاد‪ ،‬توجد العديد من‬        ‫الممارسة ما بعد الكولونيالية‬  ‫العرقي‪ ،‬أو التجمعات الثقافية‬
    ‫المجموعات الفرعية‪ ،‬التي‬        ‫للنص تتجسد في خصائصه‬
   ‫جرى بالفعل استكشافها‪.‬‬          ‫الخطابية‪ ،‬بينما يرى النموذج‬    ‫القائمة على الهامشية‪ ،‬يمكن‬
     ‫وتشمل هذه المجموعات‬                                              ‫أن يتجنب بعض مآزق‬
  ‫«الواقعية السحرية» ِبع ِّدها‬           ‫الثاني أنها تتجسد في‬
    ‫خطا ًبا ما بعد كولونياليًّا‪،‬‬   ‫علاقاته الحاسمة مع سياقه‬        ‫النماذج الجماعية السابقة‪.‬‬
    ‫(أنظر داش ‪1974 Dash‬‬             ‫المادي‪ .‬يكمن خطر النموذج‬       ‫علاوة على ذلك‪ ،‬يمكن لمثل‬
                                    ‫الأول في تحويل الشرط ما‬
       ‫وأي ًضا سلمو ن �‪Sle‬‬         ‫بعد الكولونيالي إلى مجموعة‬          ‫هذا النموذج أن يفسر‬
        ‫‪ )1987 mon‬وإعادة‬                                         ‫الموقع الغامض للخطاب عند‬
    ‫تكييف الأنواع الكرنفالية‬
  ‫الأوروبية مثل البيكاريسك‬                                          ‫الأستراليين البيض‪ ،‬على‬
       ‫‪( picaresque‬الأدب‬                                          ‫سبيل المثال‪ ،‬الذين ما زالوا‬
  ‫الشطاري) في السياقات ما‬
  ‫بعد الكولونيالية‪ ،‬حيث يتم‬                                          ‫مستع َم ِرين ‪colonised‬‬
   ‫تحويلها إلى قوة تقويضية‬                                          ‫من قبل أوروبا والأفكار‬
                                                                 ‫الأوروبية‪ ،‬وبالمقابل يمثلون‬
                                                                 ‫المس َتع َم ِرين المستمري ن �‪co‬‬
                                                                ‫‪ lonisers‬للسكان الأصليين‪.‬‬
                                                                 ‫في هذا النموذج يمكن اعتبار‬
                                                                ‫كل كتابات وخطابات السكان‬
                                                                ‫الأصليين بعد الغزو على أنها‬
                                                                    ‫ممارسة خطابية مضادة‬
   156   157   158   159   160   161   162   163   164   165   166