Page 153 - merit 52
P. 153

‫‪151‬‬          ‫تجديد الخطاب‬

‫مقتدى الصدر‬  ‫سيد قطب‬                                    ‫الشيخ الألباني‬       ‫وبالعودة إلى مرويات التاريخ‪،‬‬
                                                                             ‫سنجد أن هناك بعض الوقائع‬
     ‫تحذي ًرا شديد اللهجة إلى أهل‬        ‫على ثغر من ثغور العدو ويحتاج‬      ‫التي نستطيع أن نرى منها كيف‬
‫العراق «يا أهل العراق‪ ،‬ما قاتلتكم‬                         ‫إلى مباهاتهم‪.‬‬     ‫تشكلت شخصية معاوية الأولى‬

    ‫لتصلوا ولتصوموا ولتحجوا‪،‬‬                            ‫الموقف الرابع‪:‬‬                 ‫قبل إسلامه وبعده‪.‬‬
     ‫وإنما قاتلتكم لأتأمر عليكم»‪،‬‬      ‫الذي يوضح لنا الأمور أكثر‪ ،‬فيما‬                    ‫الواقعة الأولى‪:‬‬
  ‫وقوله أي ًضا‪« :‬إني لا أحول بين‬
‫الناس وبين ألسنتهم ما لم يحولوا‬           ‫يرويه المؤرخ المسعودي وغيره‬        ‫ما قاله أبو سفيان عن معاوية‬
                                            ‫من المؤرخين‪ ،‬أنه عندما آلت‬     ‫وهو صغير «إن ابني هذا لعظيم‬
            ‫بيننا وبين ملكنا»(‪.)3‬‬
                                        ‫الخلافة إلى عثمان بن عفان‪ ،‬وهو‬        ‫الرأس‪ ،‬وإنه لخليق أن يسود‬
 ‫من الشورى إلى ال ُملك‬                   ‫أموي النسب‪ ،‬بعد مقتل الخليفة‬       ‫قومه‪ .‬وردت زوجته هند قائلة‪:‬‬
      ‫العضوض‬                           ‫عمر‪ ،‬دخل عليه أبو سفيان وبعض‬
                                                                               ‫قومه فقط؟ ثكلته إن لم يسد‬
      ‫استغل معاوية أحداث مقتل‬               ‫من بني أمية قائ ًل‪« :‬تلقفوها‬    ‫العرب قاطبة»‪ ،‬هذا الموقف ‪-‬إن‬
     ‫الخليفة الثالث عثمان لتثبيت‬           ‫تلقف الكرة‪ ،‬فوالذي يحلف به‬
    ‫أركان حلمه بالملك على العرب‪،‬‬         ‫أبو سفيان ما زلت أرجوها لكم‪،‬‬         ‫صحت تلك المروية‪ -‬كفيل أن‬
‫راف ًعا قميص عثمان الملطخ بدمائه‬          ‫ولتصيرن إلى صبيانكم وراثة‪،‬‬      ‫يبين لنا كيف نشأ معاوية وكيف‬
 ‫مطالبًا بالثأر لدمه‪ ،‬ومما ما يثير‬       ‫فأنتهره عثمان وساءه ما قال»‪.‬‬     ‫تغذت أفكاره وهو طفل صغير مع‬
  ‫الدهشة والاستغراب أن معاوية‬            ‫من تلك المواقف تتضح لنا كيف‬
     ‫عندما استقر له أمر الخلافة‬         ‫تشكلت شخصية معاوية القيادية‬         ‫والديه‪ ،‬كما تشير الواقعة أي ًضا‬
  ‫عشرين عا ًما لم يقتص من قتلة‬                                             ‫إلى اقتناع بنى أمية بأنهم ملوك‪،‬‬
    ‫عثمان‪ ،‬كما تذكر لنا مرويات‬              ‫المحبة للزعامة‪ ،‬والتسيد على‬   ‫وبأن مكانهم الطبيعي فوق العرب‬
 ‫التاريخ أن الإمام عليٍّ قال في أحد‬          ‫العرب كافة‪ ،‬وهذا ما أقر به‬
‫كتبه لمعاوية‪« :‬وأما قولك‪ :‬أدفع إل َّي‬     ‫معاوية بنفسه‪ ،‬فبعد أن استتب‬             ‫قاطبة وليس قريش فقط‪.‬‬
                                           ‫له أمر الخلافة ‪-‬بعد أن تنازل‬                   ‫الموقف الثاني‪:‬‬
                                          ‫له الإمام الحسن بن على‪ -‬وجه‬
                                                                           ‫الذي يجعلنا نرى بوضوح أكثر‬
                                                                             ‫رؤية أبو سفيان وابنه معاوية‬

                                                                          ‫للنبي والنبوة‪ ،‬فبعد فتح مكة قال‬
                                                                            ‫أبو سفيان للعباس عم الرسول‬
                                                                              ‫يوم الفتح‪ ،‬بعدما أسلم كر ًها‬

                                                                          ‫ورأى النبي وجيشه في أودية مكة‬
                                                                             ‫«والله يا أبا الفضل لقد أصبح‬

                                                                           ‫ملك ابن أخيك الغداة عظي ًما‪ .‬فرد‬
                                                                           ‫العباس‪ :‬ويحك يا أبا سفيان إنها‬

                                                                                                 ‫النبوة»‪.‬‬
                                                                                          ‫الموقف الثالث‪:‬‬
                                                                              ‫والذي يوضح لنا أكثر رؤية‬
                                                                          ‫معاوية للحكم عندما زاره عمر بن‬
                                                                          ‫الخطاب بالشام واستقبله معاوية‬
                                                                            ‫وهو في أبهة الملوك والكياسرة‪،‬‬
                                                                            ‫فاستنكر الخليفة عمر عليه ذلك‬
                                                                            ‫فيما عرف عن عمر من التقشف‬
                                                                          ‫قائ ًل له‪« :‬أكسراوية يا معاوية؟»‪،‬‬
                                                                             ‫إلا أن معاوية تحجج بأنه يقيم‬
   148   149   150   151   152   153   154   155   156   157   158