Page 285 - merit 52
P. 285

‫‪283‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫كتب‬

     ‫الثقافة من إنتاج‬

  ‫العلامة إلى بناء‬
                                                          ‫عبد الغفور‬
     ‫روبيل الذاكرة‪ ..‬وفق‬
                                                                        ‫(المغرب)‬

‫منظور السميائيات‬

‫الثقافية لدى الناقد‬

     ‫عبد الله بريمي‬

   ‫لا يتمثل فيما هو مرئي بل في‬         ‫للإنسان ما يريد وما يتطلع‬        ‫السميائيات من أهم‬             ‫تعد‬
      ‫اللامرئي أي ًضا‪ ،‬لهذا تبحث‬      ‫إليه‪ ،‬وإنما لا يمنحه إلا النذر‬     ‫المعارف في حقول‬
                                     ‫القليل‪ ،‬مما يجعل هذا الإنسان‬         ‫العلوم الإنسانية‪،‬‬
  ‫السميائيات الثقافية في الأنساق‬   ‫يعاني الآلام والتوتر بين التطلع‬
    ‫المضمرة‪ ،‬التي تتطلب البحث‬       ‫والتحقق‪ ،‬بين ما يريده هو وما‬      ‫نظ ًرا لاهتمامها بالبعد‬
                                                                       ‫الإنساني وما يرتبط‬
 ‫العميق في كل ما يرتبط بالوجود‬               ‫يحققه له هذا الواقع‪.‬‬      ‫به من ظواهر اجتماعية وثقافية‬
       ‫الإنساني‪ ،‬مما يدفعها إلى‬        ‫إن وجود الإنسان مبني على‬        ‫وتاريخية‪ ،‬وما ينتجه من رموز‬
                                       ‫الترميز وبناء أنساق دلالية‪،‬‬    ‫ودلالات‪ .‬فالسميائيات إلى جانب‬
‫الاستعانة بآليات ومفاهيم قادرة‬        ‫من خلال العادات‪ ،‬والتقاليد‪،‬‬      ‫مجموعة من النظريات والمناهج‬
                      ‫على ذلك‪.‬‬        ‫والرسم‪ ،‬والرقص‪ ،‬واللباس‪،‬‬        ‫والعلوم‪ ،‬التي تسعى إلى محاولة‬
                                    ‫واللغة‪ ،‬والعلاقات الاجتماعية‪..‬‬
   ‫لقد جعلت السميائيات كل من‬       ‫فهذه الأنساق كلها تعبر عن فكر‬         ‫فهم العالم وتفسيره‪ ،‬لأن هذا‬
‫الذاكرة‪ ،‬والتاريخ‪ ،‬وثنائية المركز‬  ‫الإنسان‪ ،‬وعن وجوده وتطلعاته‪،‬‬            ‫الأخير لا ينحصر في زاوية‬
                                      ‫وكيفية فهمه للعالم‪ ،‬وبالتالي‬
     ‫والهامش‪ ،‬واللغة‪ ،‬والصور‪،‬‬         ‫فهي تنتج علامات وتأويلات‬          ‫معينة أو في فضاء حقل معرفي‬
‫والرسوم‪ ،‬والاحتجاج‪ ..‬موضو ًعا‬       ‫لا متناهية‪ ،‬لأن وجود الإنسان‬       ‫ما‪ ،‬فمن الخطأ أن نعتمد مقاربة‬
                                                                       ‫أو مقاربتين في فك شفرات هذا‬
  ‫لها‪ ،‬لأنها تحاول فهم ما يوجد‬
   ‫في هذا العالم‪ ،‬وما يختبئ فيه‪.‬‬                                         ‫الوجود‪ ،‬ما دام العالم لا يمنح‬
 ‫فالسميائيات لا تنفرد بموضوع‬
‫خاص بها‪ ،‬بل تهتم بكل ما ينتمي‬
   280   281   282   283   284   285   286   287   288   289   290