Page 287 - merit 52
P. 287

‫‪285‬‬          ‫ثقافات وفنون‬

             ‫كتب‬

‫يوري لوتمان‬  ‫كلود ليفي ستروس‬       ‫فارديناند دي سوسير‬                    ‫بنية مركبة؟»(‪ ،)٢‬بهذه الأسئلة‬
                                                                       ‫يحاول السميائي عبد الله بريمي‬
    ‫والفن التشكيلي‪ ،‬بوصفها لغة‬          ‫ما شيئًا ما بأية صفة وبأية‬     ‫إرباك القارئ‪ ،‬وجعله يعيد النظر‬
  ‫منظمة بطريقة معينة»(‪ ،)٤‬وبذلك‬    ‫طريقة‪ .‬إنها تتوجه إلى شخص ما‪،‬‬        ‫في كل ما يحمله من أفكار حول‬
 ‫تسقط القواعد والمفاهيم السابقة‬                                         ‫حدود النص وجغرافية الثقافة‪،‬‬
                                     ‫أي تخلق في ذهن هذا الشخص‬
      ‫والمحددة لمفهوم اللغة‪ ،‬التي‬  ‫علامة موازية أو ربما علامة أكثر‬        ‫فالنص لم يعد حبيس الألفاظ‬
‫جعلتها منحصرة في أفق محدود‪،‬‬        ‫تطو ًرا‪ .‬وهذه العلامة التي تخلقها‬       ‫والجمل‪ ،‬أي سجن اللغة‪ ،‬بل‬
                                                                         ‫تجاوز تلك الحدود الضيقة إلى‬
     ‫والمتمثل في قواعد‪ ،‬أو مجرد‬        ‫أسميها مؤو ًل للعلامة الأولى‪.‬‬       ‫فضاء أوسع وأشمل بفضل‬
‫أصوات حسب ابن جني مث ًل‪ .‬كما‬       ‫وهذه العلامة تحل محل شيء ما‪:‬‬       ‫عملية التأويل‪ ،‬الذي جعل العلامة‬
 ‫أن هذه اللغة تتميز بعلامات دالة‬                                        ‫متعددة المعاني لا تقف في نقطة‬
                                    ‫موضوعها»(‪ ،)٣‬بمعنى آخر‪ ،‬نجد‬       ‫ما‪ ،‬أي غير منحصرة بين جدران‬
   ‫على معجمها وعلى قواعد تربط‬         ‫الماثول يحيل على موضوع عبر‬        ‫النص التقليدي‪ ،‬هذا التوسع في‬
    ‫بين هذه العلامات‪ ،‬مما يسقط‬       ‫مؤول أي سلسلة من الإحالات‪،‬‬           ‫العلامة دفع أي ًضا إلى توسيع‬
  ‫عليها عدم الثبات والفوضى‪ ،‬بل‬      ‫وهو ما يطلق عليه بالسميوزيس‬           ‫مفهوم النص‪ ،‬ليتضمن كل ما‬
 ‫هي منظمة ومبنية في سلسلة من‬                                                ‫هو لفظي وغير لفظي‪ .‬ومن‬
‫الحلقات والقواعد التي تضمن لها‬                ‫في سميائيات بورس‪.‬‬          ‫خلال هذا أصبحت الثقافة هي‬
‫الوجود المادي والممارسة الفعلية‪.‬‬        ‫‪ ‬ويرى عبد الله بريمي أي ًضا‬     ‫بدورها مجموعة من النصوص‬
                                      ‫أن اللغة لا تنحصر في القواعد‬      ‫يتم تحليلها وتمحيصها ونقدها‬
 ‫ثان ًيا‪ :‬الثقافة من إنتاج‬              ‫المضبوطة والألفاظ والمعاجم‬       ‫بآليات ومفاهيم في ظل المقاربة‬
 ‫العلامة إلى بناء الذاكرة‬             ‫المعروفة واللغات الرسمية‪ ،‬بل‬
                                     ‫يطلق أي ًضا مصطلح اللغة «على‬                   ‫السميائية الثقافية‪.‬‬
  ‫يتطرق الناقد عبد الله بريمي في‬        ‫العادات والطقوس والتجارة‬       ‫ويشكل مفهوم النص حسب عبد‬
 ‫كتابه «السميائيات الثقافية»‪ ،‬إلى‬    ‫والمفاهيم الدينية‪ .‬وبمعنى آخر‪،‬‬   ‫الله بريمي أحد الأركان الأساسية‬
  ‫إشكالية علاقة الثقافة بالذاكرة‪،‬‬  ‫يمكننا أن نتكلم عن «لغة» المسرح‬
                                       ‫والسينما والرسم والموسيقى‬         ‫التي تقوم عليها نظرية لوتمان‬
                                                                      ‫السميائية‪ ،‬لأن الموضوع الرئيسي‬

                                                                        ‫والمركزي في الدراسة السميائية‬
                                                                      ‫الثقافية هو النص‪ .‬فالثقافة حسب‬

                                                                        ‫لوتمان تعد ن ًّصا متعدد الصيغ‬
                                                                          ‫واللغات يتجاوز حدود ما هو‬
                                                                         ‫أدبي‪ ،‬لأنه مولد لعدد لا نهائي‬

                                                                            ‫من النصوص؛ إذ يتم النظر‬
                                                                        ‫للنص باعتباره سيرورة دلالية‬

                                                                              ‫متعاضدة (سميوزيس)‪.‬‬
                                                                         ‫كما نجد السميائي والناقد عبد‬

                                                                            ‫الله بريمي يستعين بنظرية‬
                                                                       ‫بورس في شرح الكيفية التي يتم‬

                                                                          ‫التعامل بها مع العلامة‪ ،‬فهذه‬
                                                                          ‫الأخيرة بالنسبة لبورس «هي‬
                                                                         ‫شيء يعوض بالنسبة لشخص‬
   282   283   284   285   286   287   288   289   290