Page 282 - merit 52
P. 282

‫وحي ًدا»‪ ،‬وقصة «لما أردفني‬                               ‫العـدد ‪52‬‬                           ‫‪280‬‬
   ‫وراءه»‪ ،‬بيد أن ظاهرة حضور‬
 ‫الروحاني مقابل الفيزيقي تتجلي‬                                                 ‫أبريل ‪٢٠٢3‬‬   ‫والصبا والشباب‪ ،‬قصص مكثفة‬
 ‫بشكل واضح في قصة «يوم بتر‬                                                                     ‫ترصد علاقة الراوي القديمة‬
‫الطبيب الأحول عقلة من إصبعه»‪،‬‬            ‫في عبارات رشيقة دالة موحية‬
     ‫ويتمثل ذلك في الآلة‪ /‬ماكينة‬            ‫بمعظم قصص الملف الأول‬                           ‫بالأخ الغائب‪ ،‬لذلك تجلي حضور‬
 ‫إنتاج البلاستيك كمكون فيزيقي‪،‬‬                                                              ‫الروحاني مقابل الفيزيقي بشكل‬
  ‫في مقابل مشاعر الأخ تجاه ابنه‬         ‫«شقيق»؛ تتجلي ظاهرة حضور‬
 ‫صاحب الظروف الخاصة وابنته‬              ‫الروحاني مقابل الفيزيقي‪ ،‬ففي‬                          ‫واضح في قصة «هذا مقعدك»‪:‬‬
   ‫التي على وشك الولادة كمكون‬          ‫قصة «قبل المغيب بدقائق» يتمثل‬                       ‫«بسط يده وناداه‪ ..‬تعال يا أخى‪..‬‬
‫روحاني‪« :‬ابتسم عندما حمل بيده‬
   ‫اليسري طفلته المولودة وسمع‬             ‫هذا الحضور عندما يستدعي‬                                       ‫هذا مقعدك»‪ ،‬ص‪.6‬‬
 ‫بكاءها المسرسع‪ ،‬وناغاها بطرف‬           ‫الراوي أخاه الغائب‪« :‬أحس بأن‬                       ‫هنا يتجلي حضور الذاكرة‪ ،‬يتخيل‬
   ‫إصبعه اليسري‪ ،‬وكان يحاول‬              ‫أخاه يرسل له نظرة لائمة مما‬
                                         ‫جعله يتراجع خطوتين للوراء»‬                             ‫الراوي مرور أخيه الغائب‪/‬‬
     ‫مداراة يده الملفوفة بالشاش‬                                                               ‫المكون الروحاني‪ ،‬مقابل مقعد‬
   ‫من أعين زوجته‪ ،‬وأمه‪ ،‬وأبيه»‬             ‫ص‪ .12‬مشهد ال َّد ْفن بالمقابر‬                      ‫يدعوه الراوي للجلوس معه‪/‬‬
                                      ‫كمكون فيزيقي مقابل استحضار‬
                        ‫ص‪.39‬‬                                                                               ‫كمكون فيزيقي‪.‬‬
       ‫وعلى نحو آخر تأتي أجمل‬            ‫الأخر الغائب كمكون روحاني‪.‬‬                              ‫وفي سياق آخر تأتي قصة‬
 ‫قصص المجموعة صياغة ورؤية‬               ‫لا تخلو قصة من قصص الملف‬                               ‫«مسيرة الرجل العادية ج ًّدا»‪،‬‬
      ‫و َت َو ُّج ًها «كأنك هو سبحان‬                                                          ‫وهي مجموعة مقاطع قصيرة‪،‬‬
       ‫الله؟!»‪ ،‬بداي ًة جاءت علامة‬         ‫الأول من حضور الروحاني‬                            ‫منفصلة‪ ،‬متصلة‪ ،‬يكتنفها سرد‬
       ‫الاستفهام موظفة رغم أن‬         ‫مقابل الفيزيقي‪ ،‬أو الاشتباك معه‬                        ‫فني رشيق‪ ،‬مكثف‪ ،‬يتبدي فيها‬
     ‫العنوان لا يدل على استفهام‪،‬‬                                                             ‫البعد الفيزيقي في المقطع الثالث‬
      ‫باعتبار أن الاستفهام يدور‬          ‫بشكل تلقائي دون الاتكاء على‬                       ‫من القصة في عبارة‪« :‬ثم َت َج َّولت‬
      ‫في ذهن الراوي أمام اللبس‬           ‫الحدث‪ ،‬وحضور الشخصيات‬                              ‫العاملة في النهاية حول السرير‪،‬‬
    ‫الذي حدث بين شخصية الأخ‬                                                                ‫وجمعت كل تلك النفايات في كيس‬
     ‫الغائب والآخر الذي يشبهه‪،‬‬                 ‫مغلفة بالغموض الفني‪.‬‬                        ‫أسود وجذبته رغم ثقله» ص‪.10‬‬
   ‫استحضار روح الأخ أمام هذا‬               ‫في قصة «من يقطف الورد»‪،‬‬                         ‫النفايات كمكون فيزيقي في مقابل‬
 ‫الآخر‪ ،‬حاضر بجسده وملامحه‬             ‫يتم استحضار العجلة (ماسورة‬                          ‫الموت وانسلاخ الروح وخروجها‬
   ‫الفيزيقية ويحدث التمازج بين‬         ‫العجلة) كمكون فيزيقي في طرح‬
     ‫الفيزيقي والروحاني‪ ،‬الفكرة‬           ‫الأسئلة الوجودية «من يزرع‬                                       ‫كمكون روحاني‪.‬‬
 ‫هنا هي التماهي بين الأخ الغائب‬       ‫الورد في خدود الجميلات ويرشق‬                         ‫في المقطع الرابع أي ًضا من القصة‬
   ‫وشخصية الآخر‪« :‬إنه يشبهه‪،‬‬           ‫السهام في قلوب الفتيان» ص‪.15‬‬
 ‫لو يعلم قدر احتياجي له الآن‪ ،‬لو‬      ‫اشتباك الروحاني بالفيزيقي‪« :‬لم‬                            ‫يكشف الراوي عن استعادة‬
‫أطلب منه رقم هاتفه‪ ،‬حتى أهاتفه‬          ‫أتمكن من الالتفات لرؤية بريق‬                          ‫شقيقه على المستوى الروحاني‬
‫كلما هزني الشوق لأخى» ص‪.42‬‬              ‫الشوق في عينيه‪ ،‬ليتني‪ .‬يومها‪.‬‬
    ‫وضمن التكريس للتقابل بين‬             ‫التفت ورأيت ذلك البريق الذي‬                           ‫مستعينًا بالشيكة العنكبوتية‬
    ‫الروحاني والفيزيقي في قصة‬                                                              ‫ليستمع إلى صوته‪« :‬كان الجالس‬
‫«وصايا» يكون الحضور الجسدي‬                        ‫أتخيله الآن» ص‪.17‬‬
                                        ‫مشاعر الشوق كمكون روحاني‬                              ‫يحاول استعادة شقيقه المتعب‬
                                       ‫ببريق الشوق في العينين كمكون‬                          ‫والنائم أمامه عن طريق الشبكة‬
                                       ‫فيزيائي‪ ،‬ويأتي السرد في عبارة‬                        ‫العنكبوتية‪ ..‬ليستمع إلى صوته‪،‬‬
                                        ‫(ليتني‪ .‬يومها‪ .‬التفت) والفصل‬
                                                                                                ‫ويشاهد يديه اللتين ترافقان‬
                                            ‫بين الثلاث كلمات متماشيًا‬                      ‫حديثه» ص‪ .10‬الروحاني متمث ًل‬
                                         ‫مع الحالة النفسية والشعورية‬
                                                                                                 ‫في حضور الأخ الغائب‪ ،‬في‬
                                                 ‫للراوي بدرجة كبيرة‪.‬‬                        ‫مقابل الفيزيقي المتمثل في جهاز‬
                                           ‫يتراوح الروحاني والفيزيقي‬                          ‫الكمبيوتر وشبكته العنكبوتية‪.‬‬
                                          ‫بدرجات حضوره في قصص‬                              ‫مع كثافة السرد وضيق مساحته‬
                                       ‫«يوم تركته على ماسورة العجلة‬
   277   278   279   280   281   282   283   284   285   286   287