Page 278 - merit 52
P. 278

‫العـدد ‪52‬‬                          ‫‪276‬‬

‫أبريل ‪٢٠٢3‬‬

              ‫عفيف بهنسي‬            ‫الغربية السائدة آنذاك كما يشير‬
                                                ‫السيوي في مقدمته‪.‬‬
    ‫في الخط الكوفي‪ ،‬ويبدو بجلاء‬
 ‫التطريز العربي المختلط بالعمارة‬         ‫يقول الناقد التشكيلي عفيف‬
                                      ‫بهنسي في كتابه (أثر الجمالية‬
   ‫والقباب والأقواس‪ ،‬ولا بد من‬       ‫الإسلامية في الفن الحديث)‪ :‬لم‬
   ‫الاعتراف بأن إنتاج كلي أقنعنا‬      ‫يكن كلي غريبًا عن عالم الشرق‬
   ‫أن الفن العربي قادر على توليد‬     ‫العربي‪ ،‬فلقد كان خياله مشب ًعا‬
    ‫أساليب لا حصر لها‪ ،‬أساليب‬        ‫بالجو الصوفي من خلال قراءته‬
‫موزعة بين الحقيقة والخيال‪ ،‬بين‬
                                        ‫للشاعر (غوته)‪ ،‬كذلك تأثره‬
                ‫التجريد والرمز‪.‬‬      ‫بصديقه الشاعر (ريلكه)‪ ،‬كانت‬
  ‫لسنا هنا بصدد الإجابة العاجلة‬     ‫لديه رغبة قديمة في الاطلاع على‬
                                      ‫الحضارة الإسلامية‪ ،‬لقد أدرك‬
    ‫عن أسئلة يطرحها المتابع عن‬        ‫كلي سر الشرق العربي مختل ًفا‬
    ‫مدى التأثير المتبادل والتفاعل‬  ‫عن زملائه الفنانين والمستشرقين‬
    ‫بين تجربة بول كلي وتجارب‬
  ‫الفنانين التشكيليين العرب‪ ،‬إنما‬      ‫الذين زاروا البلاد العربية‪ ،‬لم‬
 ‫عبر شواهد‪ ،‬يمكننا القول إن ثمة‬     ‫يستطع أحد من هؤلاء أن يكشف‬
   ‫التباسات تدعونا لإعادة النظر‬    ‫الغطاء عن ذلك السر‪ ،‬ولم يستطع‬
    ‫بموقفنا من الموروث العربي‪،‬‬
                                         ‫أن يمارسه بصورة محدثة‪،‬‬
      ‫والبحث في عناصر التراكم‬          ‫والسبب يعود إلى أن كلي كان‬
   ‫الحضاري‪ ،‬ومن المؤكد العثور‬      ‫أكثر من غيره في فهم الفن العربي‬
‫على مفهوم إيجابي أسهم فيه كبار‬     ‫باعتباره مجرد زخرفة وتزيين لا‬
 ‫الفنانين‪ ،‬بد ًءا بجواد سليم‪ ،‬دون‬  ‫محل له في حساب الفن الإبداعي‪،‬‬
   ‫إغفال سواه من الفنانين الذين‬      ‫فاتجه نحو تصحيح التبريرات‪،‬‬
  ‫تأثروا بأساليب الفن الأوروبي‪،‬‬      ‫وتقليص المسافات بين مفهومي‬

     ‫الأمر الذي يفسر ولع الفنان‬          ‫الفن الغربي والعربي‪ .‬ومما‬
‫العربي بالبصريات‪ ،‬وهي حصيلة‬        ‫لاشك فيه أنه لولا قابلية هذا الفن‬
                                   ‫للاستجابة لمفاهيم العصر الحديث‬
                                    ‫لما أمكن لكلي أن يتمثله في أعماله‬

                                                          ‫ويحياه‪.‬‬
                                        ‫لم تكن زيارته للبلاد العربية‬
                                       ‫نقطة البداية في اهتمامه بالفن‬
                                     ‫العربي‪ ،‬بل كانت الزيارة نتيجة‬

                                         ‫حنين قديم لبلاد الحضارة‬
                                      ‫العريقة‪ ،‬وفي أعماله انعكاسات‬
                                    ‫صادقة لهذا الشعور‪ .‬وقد حاول‬
                                     ‫كلي الاستفادة من الخط العربي‬

                                        ‫الجميل في كثير من لوحاته‪،‬‬
                                          ‫إذ جلبت انتباهه التزيينات‬

                                    ‫التجريدية‪ ،‬وبنيته الفنية‪ ،‬كما هو‬
   273   274   275   276   277   278   279   280   281   282   283